الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)
.غَلَبَ عَلَى النّصَارَى الْبَلَادَةُ وَعَلَى الْيَهُودِ الْهَمّ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ الْعَقْلُ وَالشّجَاعَةُ: وَلِذَلِكَ كَانَتْ الطّبِيعَةُ الدّمَوِيّةُ لَهُمْ وَالصّفْرَاوِيّةُ لِلْيَهُودِ وَالْبَلْغَمِيّةُ لِلنّصَارَى وَلِذَلِكَ غَلَبَ عَلَى النّصَارَى الْبَلَادَةُ وَقِلّةُ الْفَهْمِ وَالْفِطْنَةِ وَغَلَبَ عَلَى الْيَهُودِ الْحُزْنُ وَالْهَمّ وَالْغَمّ وَالصّغَارُ وَغَلَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْعَقْلُ وَالشّجَاعَةُ وَالْفَهْمُ وَالنّجْدَةُ وَالْفَرَحُ وَالسّرُورُ. وَهَذِهِ أَسْرَارٌ وَحَقَائِقُ إنّمَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهَا مِنْ حُسْنِ فَهْمِهِ وَلُطْفِ ذِهْنِهِ وَغُزْرِ عِلْمِهِ وَعَرَفَ مَا عِنْدَ النّاسِ وَبِاَللّهِ التّوْفِيقُ..فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَالْأَنْكِحَةِ وَالْبُيُوعِ: كَانَتْ أَقْضِيَتُهُ الْخَاصّةُ تَشْرِيعًا عَامّا وَإِنّمَا الْغَرَضُ ذِكْرُ هَدْيِهِ فِي الْحُكُومَاتِ الْجُزْئِيّةِ الّتِي فَصَلَ بِهَا بَيْنَ الْخُصُومِ وَكَيْفَ كَانَ هَدْيُهُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ النّاسِ وَنَذْكُرُ مَعَ ذَلِكَ قَضَايَا مِنْ أَحْكَامِهِ الْكُلّيّةِ..فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْأَقْضِيَةِ: .فصل جَوَازُ الْحَبْسِ: ثَبَتَ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَبَسَ رَجُلًا فِي تُهْمَةٍ قَالَ أَحْمَدُ وَعَلِيّ بْنُ الْمَدِينِيّ: هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ. وَذَكَرَ ابْنُ زِيَادٍ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَحْكَامِهِ: أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَجَنَ رَجُلًا أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَوَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِتْمَامَ عِتْقِهِ حَتّى بَاعَ غُنَيْمَةً لَهُ..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ فِيمَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ: رَوَى الْأَوْزَاعِيّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّ رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمّدًا فَجَلَدَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَنَفَاهُ سَنَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً وَلَمْ يُقِدْهُ بِهِ أَحْمَدُ: مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةً رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ فَإِنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ الْحَسَنُ كَانَ قَتْلُهُ تَعْزِيرًا إلَى الْإِمَامِ بِحَسْبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ. وَأَمَرَ رَجُلًا بِمُلَازَمَةِ غَرِيمِهِ كَمَا ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ النّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ الْهِرْمَاسِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ أَتَيْتُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِغَرِيمٍ لِي فَقَالَ لِي: الْزَمْهُ ثُمّ قَالَ لِي يَا أَخَا بَنِي سَهْمٍ مَا تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ بِأَسِيرِك وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْقَاتِل وَصَبْرِ الصّابِر قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَيْ بِحَبْسِهِ لِلْمَوْتِ حَتّى يَمُوتَ. وَذَكَرَ عَبْدُ الرّزّاقِ فِي مُصَنّفِهِ عَنْ عَلِيّ: يُحْبَسُ الْمُمْسَكُ فِي السّجْنِ حَتّى يَمُوت..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ فِي الْمُحَارِبِينَ: حَكَمَ بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ وَسَمْلِ أَعْيُنِهِمْ كَمَا سَمَلُوا عَيْنَ الرّعَاءِ وَتَرَكَهُمْ حَتّى مَاتُوا جَوْعًا وَعَطَشًا كَمَا فَعَلُوا بِالرّعَاءِ..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَوَلِيّ الْمَقْتُولِ: ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّ رَجُلًا ادّعَى عَلَى آخَرَ أَنّهُ قَتَلَ أَخَاهُ فَاعْتَرَفَ فَقَالَ دُونَكَ صَاحِبَكَ فَلَمّا وَلّى قَالَ إنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ فَرَجَعَ فَقَالَ إنّمَا أَخَذْتُهُ بِأَمْرِك فَقَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ؟ فَقَالَ بَلَى فَخَلّى سَبِيلَهُ وَفِي قَوْلِهِ فَهُوَ مِثْلُهُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: أَنّ الْقَاتِلَ إذَا قِيدَ مِنْهُ سَقَطَ مَا عَلَيْهِ فَصَارَ هُوَ وَالْمُسْتَقِيدُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ لَمْ يَقُلْ إنّهُ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ الْقَتْلِ وَإِنّمَا قَالَ إنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُمَاثَلَةَ بَعْدَ قَتْلِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي الْحَدِيثِ وَإِنّمَا فِيهِ التّعْرِيضُ لِصَاحِبِ الْحَقّ بِتَرْكِ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ.وَالثّانِي: أَنّهُ إنْ كَانَ لَمْ يُرِدْ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ بَهْ فَهُوَ مُتَعَدّ مِثْلَهُ إذْ كَانَ الْقَاتِلُ مُتَعَدّيًا بِالْجِنَايَةِ وَالْمُقْتَصّ مُتّعَدٍ بِقَتْلِ مَنْ لَمْ يَتَعَمّدْ الْقَتْلَ وَيَدُلّ عَلَى هَذَا التّأْوِيلِ مَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مَسْنَدِهِ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ قُتِلَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَرُفِعَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَدَفَعَهُ إلَى وَلِيّ الْمَقْتُولِ فَقَالَ الْقَاتِلُ يَا رَسُولَ اللّهِ مَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْوَلِيّ أَمَا إنّهُ إذَا كَانَ صَادِقًا ثُمّ قَتَلْتَهُ دَخَلْتَ النّارَ فَخَلّى سَبِيلَه وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ وَهِيَ قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَمْدُ يَدٍ وَخَطَأُ قَلْبٍ..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ بِالْقَوَدِ عَلَى مَنْ قَتَلَ جَارِيَةً: وَأَنّهُ يُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ ثَبَتَ فِي الصّحِيحَيْنِ أَنّ يَهُودِيّا رَضّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا أَيْ حُلِيّ فَأُخِذَ فَاعْتَرَفَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُرَضّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى قَتْلِ الرّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَعَلَى أَنّ الْجَانِيَ يُفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ وَأَنّ الْقَتْلَ غِيلَةً لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إذْنُ الْوَلِيّ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَى أَوْلِيَائِهَا وَلَمْ يَقُلْ إنْ شِئْتُمْ فَاقْتُلُوهُ وَإِنْ شِئْتُمْ فَاعْفُوا عَنْهُ بَلْ قَتَلَهُ حَتْمًا وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَاخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيّةَ وَمَنْ قَالَ إنّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِنَقْضِ الْعَهْدِ لَمْ يَصِحّ فَإِنّ نَاقِضَ الْعَهْدِ لَا تُرْضَخُ رَأْسُهُ بِالْحِجَارَةِ بَلْ يُقْتَلُ بِالسّيْفِ..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيمَنْ ضَرَبَ امْرَأَةً حَامِلًا فَطَرَحَهَا: فِي الصّحِيحَيْنِ أَنّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى فِيهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِغُرّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ فِي الْجَنِينِ وَجَعَلَ دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ الصّحِيحَيْنِ. وَفِي النّسَائِيّ فَقَضَى فِي حَمْلِهَا بِغُرّةٍ وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا وَكَذَلِك قَالَ غَيْرُهُ أَيْضًا: إنّهُ قَتَلَهَا مَكَانَهَا وَالصّحِيحُ أَنّهُ لَمْ يَقْتُلْهَا لِمَا تَقَدّمَ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَضَى فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مَنْ بَنِي لَحْيَانَ بِغُرّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ ثُمّ إنّ الْمَرْأَةَ الّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرّةِ تُوُفّيَتْ فَقَضَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا وَأَنّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا وَفِي هَذَا الْحُكْمِ أَنّ شِبْهَ الْعَمْدِ لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَأَنّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ الْغُرّةَ تَبَعًا لِلدّيَةِ وَأَنّ الْعَاقِلَةَ هُمْ الْعَصَبَةُ وَأَنّ زَوْجَ الْقَاتِلَةِ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَأَنّ أَوْلَادَهَا أَيْضًا لَيْسُوا مِنْ الْعَاقِلَةِ..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْقَسَامَةِ فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ قَاتِلُهُ: ثَبَتَ فِي الصّحِيحَيْنِ: أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَكَمَ بِهَا بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَالْيَهُودِ وَقَالَ لِحُوَيّصَةَ وَمُحَيّصَةَ وَعَبْدِ الرّحْمَنِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ وَقَالَ الْبُخَارِيّ: وَتَسْتَحِقّونَ قَاتِلَكُمْ أَوْ صَاحِبَكُمْ فَقَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ وَلَمْ نَرَهُ فَقَالَ فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانٍ خَمْسِينَ فَقَالُوا: كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفّارٍ؟ فَوَدَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ عِنْدِهِ وَفِي لَفْظٍ وَيُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمّتِهِ إلَيْهِ وَاخْتَلَفَ لَفْظُ الْأَحَادِيثِ الصّحِيحَةِ فِي مَحَلّ الدّيَةِ فَفِي بَعْضِهَا أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَفِي بَعْضِهَا وَدَاهُ مِنْ إبِلِ الصّدَقَةِ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلْقَى دِيَتَهُ عَلَى الْيَهُودِ لِأَنّهُ وُجِدَ بَيْنَهُمْ وَفِي مُصَنّفِ عَبْدِ الرّزّاقِ: أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَدَأَ بِيَهُودَ فَأَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا فَرَدّ الْقَسَامَةَ عَلَى الْأَنْصَارِ فَأَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا فَجَعَلَ عَقْلَهُ عَلَى يَهُودَ..مَا تَضَمّنَهُ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ الْأُمُورِ: وَفِي سُنَنِ النّسَائِيّ: فَجَعَلَ عَقْلَهُ عَلَى الْيَهُودِ وَأَعَانَهُمْ بِبَعْضِهَا وَقَدْ تَضَمّنَتْ هَذِهِ الْحُكُومَةُ أُمُورًا: دمِنْهَا: الْحُكْمُ بِالْقَسَامَةِ وَأَنّهَا مِنْ دِينِ اللّهِ وَشَرْعِهِ. وَمِنْهَا: الْقَتْلُ بِهَا لِقَوْلِهِ فَيُدْفَعُ بِرُمّتِهِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ فِي لَفْظٍ آخَرَ وَتَسْتَحِقّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالسّنّةِ الْقَتْلُ بِأَيْمَانِ الزّوْجِ الْمُلَاعِنِ وَأَيْمَانِ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْقَسَامَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.وَأَمّا أَهْلُ الْعِرَاقِ فَلَا يَقْتُلُونَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَحْمَدُ يَقْتُلُ فِي الْقَسَامَةِ دُونَ اللّعَانِ وَالشّافِعِيّ عَكْسُهُ. وَمِنْهَا: أَنّهُ يَبْدَأُ بِأَيْمَانِ الْمُدّعِينَ فِي الْقَسَامَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الدّعَاوَى. وَمِنْهَا: أَنّ أَهْلَ الذّمّةِ إذَا مَنَعُوا حَقّا عَلَيْهِمْ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ لِقَوْلِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إمّا أَنْ تَدُوهُ وَإِمّا أَنْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ وَمِنْهَا: أَنّ الْمُدّعَى عَلَيْهِ إذَا بَعُدَ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَتَبَ إلَيْهِ وَلَمْ يُشْخِصْهُ. وَمِنْهَا: جَوَازُ الْعَمَلِ وَالْحُكْمِ بِكِتَابِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ. وَمِنْهَا: الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ. وَمِنْهَا: أَنّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الْقَسَامَةِ بِأَقَلّ مِنْ خَمْسِينَ إذَا وُجِدُوا. وَمِنْهَا: الْحُكْمُ عَلَى أَهْلِ الذّمّةِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ..الْإِشْكَالُ فِي مَحَلّ الدّيَةِ: وَمِنْهَا:- وَهُوَ الّذِي أَشْكَلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النّاسِ- إعْطَاؤُهُ الدّيَةَ مِنْ إبِلِ الصّدَقَةِ وَقَدْ ظَنّ بَعْضُ النّاسِ أَنّ ذَلِكَ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَهَذَا لَا يَصِحّ فَإِنّ غَارِمَ أَهْلِ الذّمّةِ لَا يُعْطَى مِنْ الزّكَاةِ وَظَنّ بَعْضُهُمْ أَنّ ذَلِكَ مِمّا فَضَلَ مِنْ الصّدَقَةِ عَنْ أَهْلِهَا فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي الْمَصَالِحِ وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ الْأَوّلِ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَاقْتَرَضَ الدّيَةَ مِنْ إبِلِ الصّدَقَةِ وَيَدُلّ عَلَيْهِ فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ وَأَقْرَبُ مِنْ هَذَا كُلّهِ أَنْ يُقَالَ لَمّا تَحَمّلَهَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ بَيْنَ الطّائِفَتَيْنِ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَارِمِ لِمَا غَرّمَهُ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلَعَلّ هَذَا مُرَادُ مَنْ قَالَ إنّهُ قَضَاهَا مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَهُوَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا أَعْلَمُ. فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِقَوْلِهِ فَجَعَلَ عَقْلَهُ عَلَى الْيَهُودِ؟ فَيُقَالُ هَذَا مُجْمَلٌ لَمْ يَحْفَظْ رَاوِيهِ كَيْفِيّةَ جَعْلِهِ عَلَيْهِمْ فَإِنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا كَتَبَ إلَيْهِمْ أَنْ يَدُوا الْقَتِيلَ أَوْ يَأْذَنُوا بِحَرْبٍ كَانَ هَذَا كَالْإِلْزَامِ لَهُمْ بِالدّيَةِ وَلَكِنّ الّذِي حَفِظُوا أَنّهُمْ أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونُوا قَتَلُوا وَحَلَفُوا عَلَى ذَلِكَ وَأَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ حَفِظُوا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَهُمْ أَوْلَى بِالتّقْدِيمِ. فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِرِوَايَةِ النّسَائِيّ: أَنّهُ قَسّمَهَا عَلَى الْيَهُودِ وَأَعَانَهُمْ بِبَعْضِهَا؟ قِيلَ هَذَا لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ قَطْعًا فَإِنّ الدّيَةَ لَا تُلْزِمُ الْمُدّعَى عَلَيْهِمْ بِمُجَرّدِ دَعْوَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ بَلْ لَابُدّ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ بَيّنَةٍ أَوْ أَيْمَانِ الْمُدّعِينَ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِك وَقَدْ عَرَضَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ عَلَى الْمُدّعِينَ فَأَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا فَكَيْفَ يُلْزِمُ الْيَهُودَ بِالدّيَةِ بِمُجَرّدِ الدّعْوَى..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَرْبَعَةٍ سَقَطُوا فِي بِئْرٍ فَتَعَلّقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَهَلَكُوا: ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبَزّارُ وَغَيْرُهُمَا أَنّ قَوْمًا احْتَفَرُوا بِئْرًا بِالْيَمَنِ فَسَقَطَ فِيهَا رَجُلٌ فَتَعَلّقَ بِآخَرَ وَالثّانِي بِالثّالِثِ وَالثّالِثُ بِالرّابِعِ فَسَقَطُوا جَمِيعًا فَمَاتُوا فَارْتَفَعَ أَوْلِيَاؤُهُمْ إلَى عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَالَ اجْمَعُوا مَنْ حَفَرَ الْبِئْرَ مِنْ النّاسِ وَقَضَى لِلْأَوّلِ بِرُبْعِ الدّيَةِ لِأَنّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلثّانِي بِثُلُثِهَا لِأَنّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ اثْنَانِ وَلِلثّالِثِ بِنِصْفِهَا لِأَنّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ وَاحِدٌ وَلِلرّابِعِ بِالدّيَةِ تَامّةً فَأَتَوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ فَقَصّوا عَلَيْهِ الْقِصّةَ فَقَالَ هُوَ مَا قَضَى بَيْنَكُمْ هَكَذَا سِيَاقُ الْبَزّارِ. وَسِيَاقُ أَحْمَدَ نَحْوُهُ وَقَالَ إنّهُمْ أَبَوْا أَنْ يَرْضَوْا بِقَضَاءِ عَلِيّ فَأَتَوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ عِنْدَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلَامُ فَقَصّوا عَلَيْهِ الْقِصّةَ فَأَجَازَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَجَعَلَ الدّيَةَ عَلَى قَبَائِلِ الّذِينَ ازْدَحَمُوا..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيمَنْ تَزَوّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ: رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَد وَالنّسَائِيّ وَغَيْرُهُمَا: عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ لَقِيتُ خَالِي أَبَا بُرْدَةَ وَمَعَهُ الرّايَةُ فَقَالَ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى رَجُلٍ تَزَوّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ أَقْتُلَهُ وَآخُذَ مَالَهُ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعَثَهُ إلَى رَجُلٍ أَعْرَسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَخَمّسَ مَالَهُ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ فَاقْتُلُوه» وَذَكَرَ الْجُوزَجَانِيّ أَنّهُ رُفِعَ إلَى الْحَجّاجِ رَجُلٌ اغْتَصَبَ أُخْتَه عَلَى نَفْسِهَا فَقَالَ احْبِسُوهُ وَسَلُوا مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَسَأَلُوا عَبْدَ اللّهِ بْنَ أَبِي مُطَرّفٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ مَنْ تَخَطّى حَرَمَ الْمُؤْمِنِينَ فَخُطّوا وَسَطَهُ بِالسّيْفِ وَقَدْ نَصّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ فِي رَجُلٍ تَزَوّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَوْ بِذَاتِ مَحْرَمٍ فَقَالَ يُقْتَلُ وَيَدْخُلُ مَالُهُ فِي بَيْتِ الْمَال وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصّحِيحُ وَهُوَ مُقْتَضَى حُكْمِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ الشّافِعِيّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: حَدّهُ حَدّ الزّانِي ثُمّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ وَطِئَهَا بِعِقْدٍ عُزّرَ وَلَا حَدّ عَلَيْهِ وَحُكْمُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَضَاؤُهُ أَحَقّ وَأَوْلَى..فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِقَتْلِ مَنْ اُتّهِمَ بِأُمّ وَلَدِهِ فَلَمّا ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ أَمْسَكَ: عَنْهُ رَوَى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَابْنُ السّكَنِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ ابْنَ عَمّ مَارِيَةَ كَانَ يُتّهَمُ بِهَا فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِعَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ اذْهَبْ فَإِنْ وَجَدْتَهُ عِنْدَ مَارِيَةَ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ فَأَتَاهُ عَلِيّ فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيّ يَتَبَرّدُ فِيهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيّ: اُخْرُجْ فَنَاوَلَهُ يَدهُ فأخرجه فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرَ فَكَفّ عَنْهُ علي ثُمّ أَتَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ يَا رَسُول اللّهِ إنّهُ مَجْبُوبُ مَا لَهُ ذَكَرَ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ أَنّهُ وَجَدَهُ فِي نَخْلَةٍ يَجْمَعُ تَمْرًا وَهُوَ ذَكَرَ لَهُ وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا الْقَضَاءُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النّاسِ فَطَعَنَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَنْ يُتَعَلّقُ عَلَيْهِ وَتَأَوّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْقَتْلِ إنّمَا أَرَادَ تَخْوِيفَهُ لِيَزْدَجِرَ عَنْ مَجِيئِهِ إلَيْهَا. قَالَ وَهَذَا كَمَا قَالَ سُلَيْمَانُ لِلْمَرْأَتَيْنِ اللّتَيْنِ اخْتَصَمَتَا إلَيْهِ فِي الْوَلَدِ عَلَيّ بِالسّكّينِ حَتّى أَشُقّ الْوَلَدَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بَلْ قَصَدَ اسْتِعْلَامَ الْأَمْرِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ تَرَاجِمِ الْأَئِمّةِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بَابُ الْحَاكِمِ يُوهِمُ خِلَافَ الْحَقّ لَيُتَوَصّلَ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَقّ فَأَحَبّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَعْرِفَ الصّحَابَةُ بَرَاءَتَهُ وَبَرَاءَةَ مَارِيَةَ وَعُلِمَ أَنّهُ إذَا عَايَنَ السّيْفَ كَشَفَ عَنْ حَقِيقَةِ حَالِهِ فَجَاءَ الْأَمْرُ كَمَا قَدّرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ إنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَ عَلِيّا رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ بِقَتْلِهِ تَعْزِيرًا لِإِقْدَامِهِ وَجُرْأَتِهِ عَلَى خَلْوَتِهِ بِأُمّ وَلَدِهِ فَلَمّا تَبَيّنَ لِعَلِيّ حَقِيقَةُ الْحَالِ وَأَنّهُ بَرِيءٌ مِنْ الرّيبَةِ كَفّ عَنْ قَتْلِهِ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْقَتْلِ بِتَبْيِينِ الْحَالِ وَالتّعْزِيرُ بِالْقَتْلِ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَالْحَدّ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلْمَصْلَحَةِ دَائِرٌ مَعَهَا وُجُودًا وَعَدَمًا.
|