الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
هذه مسائل شتى قدر الشارح لفظ هذه إشارة إلى أن مسائل خبر مبتدأ محذوف وشتى صفة لمسائل. (قوله أي متفرقة) ومنه قوله تعالى: {إن سعيكم لشتى} أي لمختلف في الجزاء تمامه في البحر. (قوله سفل) بكسر السين وضمها ضد العلو بضم العين وكسرها مع سكون اللام فيهما ط عن الحموي. (قوله من أن يتد) أصله يوتد حذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة من باب ضرب والوتد كما في البحر عن البناية كالخازوق القطعة من الخشب أو الحديد يدق في الحائط ليعلق عليه شيء أو يربط به. وفي البحر أيضا: وأشار المصنف إلى منعه من فتح الباب ووضع الجذوع وهدم سفله وقيد بالتصرف في الجدار احترازا عن تصرفه في ساحة السفل فذكر قاضي خان لو حفر صاحب السفل في ساحته بئرا وما أشبهه له ذلك عنده، وإن تضرر صاحب العلو وعندهما الحكم معلول بعلة الضرر ا هـ. (قوله بفتح أو ضم) أي مع تشديد الواو ويجمع الأول على كوات كحبة وحبات والثاني على كواء بالمد والقصر كمدية ومدى ط والكوة ثقب البيت وتستعار لمفاتيح الماء إلى المزارع والجداول بحر عن المغرب، والمراد بها ما يفتح في حائط البيت لأجل الضوء أو ما يخرق فيه بلا نفاذ لأجل وضع متاع ونحوه. (قوله الطاقة) تفسير للكوة لكن في القاموس الطاق ما عطف من الأبنية ولم أر من ذكره في اللغة بالتاء تأمل. (قوله وكذا بالعكس إلخ) أي كما يمنع ذو السفل يمنع ذو العلو وعبارة المجمع وكل من صاحب علو وسفل ممنوع من التصرف فيه إلا بإذن الآخر وأجازه إن لم يضر به وفي العيني، وعلى هذا الخلاف إذا أراد صاحب العلو أن يبني على العلو شيئا أو بيتا أو يضع عليه جذوعا أو يحدث كنيفا ا هـ. وكذا جعله في الهداية على الخلاف لكن في البحر عن قسمة الولوالجية اختلف المشايخ على قوله فقيل له أن يبني ما بدا له ما لم يضر بالسفل وقيل وإن أضر والمختار للفتوى أنه إذا أشكل أنه يضر أو لا لا يملك وإذا علم أنه لا يضر يملك. (قوله وقالا إلخ) قال في الفتح قيل ما حكى عنهما تفسير لقول الإمام لأنه إنما يمنع ما فيه ضرر ظاهر لا ما لا ضرر فيه فلا خلاف بينهم وقيل بينهما خلاف وهو ما فيه شك فما لا شك في عدم ضرره كوضع مسمار صغير أو وسط يجوز اتفاقا وما فيه ضرر ظاهر كفتح الباب ينبغي أن يمنع اتفاقا وما يشك في التضرر به كدق الوتد في الجدار أو السقف فعندهما لا يمنع وعنده يمنع ا هـ. وفي قسمة المنية أن المختار أن الخلاف فيما إذا أشكل فعنده يمنع وعندهما لا ا هـ. وكذا يأتي في كلام الشارح قريبا أنه المختار للفتوى. مطلب فيما لو انهدم المشترك وأراد أحدهما البناء وأبى الآخر (قوله ولو انهدم السفل إلخ) أي بنفسه وأما لو هدمه فقد قال في الفتح: وعلمت أنه ليس لصاحب السفل هدمه فلو هدمه يجبر على بنائه، لأنه تعدى على حق صاحب العلو وهو قرار العلو. (قوله وتمامه في العيني) حيث قال بخلاف الدار المشتركة إذا انهدمت فبناها أحدهما بغير إذن صاحبه حيث لا يرجع، لأنه متبرع إذا هو ليس بمضطر لأنه يمكنه أن يقسم عرصتها، ويبني في نصيبه وصاحب العلو ليس كذلك، حتى لو كانت الدار صغيرة بحيث لا يمكن الانتفاع بنصيبه بعد القسمة كان له أن يرجع، وعلى هذا إذا انهدم بعض الدار أو بعض الحمام فأصلحه أحد الشريكين له أن يرجع لأنه مضطر إذ لا يمكنه قسمة بعضه، ولو انهدم كله فعلى التفصيل الذي ذكرناه ا هـ. أي إن أمكنه قسمة العرصة ليبني في نصيبه لا يكون مضطرا وإلا كان مضطرا، والحاصل أنه إذا انهدم كل الدار والحمام فإن كان يمكنه قسمة العرصة فيبني في نصيبه لا يكون مضطرا فلو عمر بدون إذن شريكه يكون متبرعا والظاهر أن المراد ما إذا أمكنه إعادة العرصة دارا أو حماما كما كانت لا مطلق البناء وإن كان لا يمكن قسمة العرصة فهو مضطر وإن انهدم بعض الحمام أو بعض الدار فهو مضطر أيضا، والظاهر أن المراد ما إذا كانت الدار صغيرة أما إذا كانت كبيرة يمكن قسمتها، فإنه يقسمها فإن خرج المنهدم في نصيبه بناه أو في نصيب شريكه يفعل به شريكه ما أراد. [تنبيه] قال في البحر: وذكر الحلواني ضابطا فقال كل من أجبر أن يفعل مع شريكه، فإذا فعل أحدهما بغير أمر الآخر لم يرجع لأنه متطوع إذا كان يمكنه أن يجبر مثل كري الأنهار وإصلاح السفينة المعيبة وفداء العبد الجاني وإن لم يجبر لا يكون متطوعا كمسألة انهدام العلو والسفل ا هـ. ومن ذلك لو أنفق على الدابة بلا إذن شريكه لم يرجع لتمكنه من رفعه إلى القاضي ليجبر بخلاف الزرع المشترك فإنه يرجع لأنه لا يجبر شريكه كما في المحيط فكان مضطرا ا هـ. وتمام ذلك فيه وذكر قبله أن صاحب العلو إن بنى السفل بأمر القاضي رجع بما أنفق وإلا فبقيمة البناء به يفتى، والصحيح أن المعتبر في الرجوع قيمة البناء يوم البناء لا يوم الرجوع. قلت: وقد تلخص من هذا الأصل ومما قبله أنه إن لم يضطر بأن أمكنه القسمة فعمر بلا أمر فهو متبرع وإلا فإن كان شريكه يجبر على العمل معه ككري النهر ونحوه فكذلك وإن كان شريكه لا يجبر كمسألة السفل لا يكون متبرعا بل يرجع بما أنفق إن بنى بأمر القاضي، وإلا فبقيمة البناء يوم البناء وقد وقع في هذه المسألة اضطراب كثير وقدمنا تمام الكلام عليها آخر الشركة وكنت نظمت ذلك بقولي. وإن يعمر الشريك المشترك بدون إذن للرجوع ما ملك إن لم يكن لذاك مضطرا بأن أمكنه قسمة ذلك السكن أما إذا اضطر لذا وكان من أبى على التعمير يجبر فإن بإذنه أو إذن قاض يرجع وفعله بدون ذا تبرع ثم إذا اضطر ولا جبر كما في السفل والجدار يرجع بما أنفقه إن كان بالإذن بنى لذا وإلا فبقيمة البنا. ثم اعلم أن صاحب العلو إذا بنى السفل، فله أن يمنع صاحب السفل من السكنى حتى يدفع إليه لكونه مضطرا وكذا حائط بين اثنين لهما عليه خشب فبنى أحدهما فله منع الآخر من وضع الخشب حتى يعطيه نصف قيمة البناء مبنيا كما في البحر وفيه عن جامع الفصولين لكل من صاحب السفل والعلو حق في ملك الآخر لذي العلو حق قراره ولذي السفل حق دفع المطر والشمس عن السفل ا هـ. ثم نقل عنه أيضا لو هدم ذو السفل سفله وذو العلو علوه أخذ ذو السفل ببناء سفله إذ فوت عليه حقا ألحق بالملك فيضمن كما لو فوت عليه ملكا ا هـ. قال في البحر وظاهره أنه لا جبر على ذي العلو وظاهر الفتح خلافه وهو محمول على ما إذا بنى ذو السفل سفله وطلب من ذي العلو بناء علوه فإنه يجبر ا هـ. أي لأن فرض المسألة أنه هدم علوه فيجبر على بنائه بعدما بنى ذو السفل سفله لا قبله وإنما أجبر لأن لذي السفل حقا في العلو كما علمت وأما لو انهدم العلو بلا صنعه فلا يجبر لعدم تعديه كما ذكره الشارح فيما لو انهدم السفل وفي البحر عن الذخيرة سقف السفل وجذوعه وهراديه وبواريه وطينه لذي السفل قال: ذكر الطرسوسي أن الهرادي ما يوضع فوق السقف من قصب أو عريش ا هـ. قلت: لكن في المغرب عن الليث الهردية قضبان تضم ملوية بطاقات من الكرم يرسل عليها قضبان الكرم ا هـ. فهي التي تسمى في عرفنا سقالة هذا وذكر في الخيرية أن تطيين سقف السفل لا يجب على واحد منهما، أما ذو العلو فلعدم وجوب إصلاح ملك الغير عليه وإن تلف الطين بالسكن المأذون فيه شرعا إلا إذا تعدى بإزالته فيضمنه، وأما ذو السفل فلعدم إجباره على إصلاح ملكه فإن شاء طينه ورفع ضرره وكف الماء عنه وإن شاء تحمل ضرره. [تتمة] في البحر عن جامع الفصولين جدار بينهما، ولكل منهما حمولة فوهى الحائط فأراد أحدهما رفعه ليصلحه وأبى الآخر، ينبغي أن يقول مريد الإصلاح للآخر ارفع حمولتك بأسطوانات وعمد ويعلمه أنه يريد رفعه في وقت كذا وأشهد على ذلك، فلو فعله وإلا فله رفع الجدار فلو سقطت حمولته لم يضمن ا هـ. قلت: والظاهر أن مثله ما إذا احتاج السفل إلى العمارة فتعليق العلو على صاحبه وهذه فائدة حسنة لم أجد من نبه عليها. (قوله زائغة مستطيلة) وفي التهذيب: الزائغة الطريق الذي حاد عن الطريق الأعظم ا هـ. من زاغت الشمس إذا مالت والمستطيلة الطويلة من استطال بمعنى طال أفاد في البحر. (قوله مثلها) أي طويلة احترازا عن المستديرة كما يأتي. (قوله لكن غير نافذة) أفاد أن الأولى نافذة وقد قال في البحر أطلقها أي الأولى تبعا لأكثر الكتب، وقيدها في النهاية تبعا للفقيه أبي الليث والتمرتاشي بغير النافذة ويمكن حمل كلامه عليه لقوله مثلها غير نافذة ا هـ. أي بناء على أن غير نافذة بيان لوجه المماثلة، وفيه نظر بل المتبادر أن المماثلة في الطول وغير نافذة حال لبيان قيد زائد فيها على الأولى، وإلا لزم أن لا تكون الثانية مقيدة بكونها طويلة، فيشمل المستديرة، وهو غير صحيح واستظهر الخير الرملي إطلاق الأولى إذ لا عبرة بكونها نافذة أو غير نافذة لامتناع مرور أهلها في الثانية مطلقا بخلاف المتشعبة كما يأتي. قلت: لكن في بعض الصور يظهر الفرق في الأولى بين النافذة وغيرها كما تعرفه. (قوله إلى محل آخر) متعلق بنافذة والمراد به الطريق العام أو ما يتوصل منه إليه احترازا عن النافذة إلى سكة أخرى غير نافذة. مطلب في فتح باب آخر للدار (قوله عن فتح باب للمرور) قال في فتح القدير قال بعض المشايخ لا يمنع من فتح الباب بل من المرور لأن له رفع كل جداره فكذا له رفع بعضه والأصح أنه يمنع من الفتح لأنه منصوص عليه في الرواية بنص محمد في الجامع ولأن المنع بعد الفتح لا يمكن إذ تمكن مراقبته ليلا ونهارا في الخروج ليخرج ولأنه عساه يدعي بعد تركيب الباب وطول الزمان حقا في المرور ويستدل عليه بتركيب الباب ا هـ. (قوله لا للاستضاءة والريح) قال العيني بعد حكاية القولين المذكورين ولكن هذا فيما إذا أراد بفتح الباب المرور فإنه يمنع استحسانا وإذا أراد به الاستضاءة والريح دون المرور لم يمنع من ذلك كذا نقله فخر الإسلام عن الفقيه أبي جعفر ا هـ. قلت: هذا إذا كان الباب عاليا لا يصلح للمرور كما يدل عليه التعليل المار وإلا كان قول بعض المشايخ بعينه وهو خلاف الأصح فعلم أن المراد غيره وهو مسألة الطاقة الآتية فافهم. (قوله في القصوى) أي البعدى وهي المتشعبة من الأولى الغير النافذة أما النافذة فلا منع من الفتح فيها لأن لكل أحد حق المرور فيها. (قوله على الصحيح) مقابله ما قدمناه آنفا من القول بأنه لا يمنع من الفتح بل من المرور. (قوله إذ لا حق لهم في المرور) أي لا حق لأهل الزائغة الأولى في المرور في الزائغة القصوى، بل هو لأهلها على الخصوص، ولذا لو بيعت دار في القصوى لم يكن لأهل الأولى شفعة فيها كذا في الفتح: أي لا شفعة لهم بحق الشركة في الطريق إذ لو كان جارا ملاصقا كان له الشفعة شرنبلالية ثم قال في الفتح بخلاف أهل القصوى، فإن لأحدهم أن يفتح بابا في الأولى لأن له حق المرور فيها ا هـ. قال العلامة المقدسي: هذا إذا فتح في جانب يدخل منه إليها، أما في الجانب الآخر غير النافذ فلا ا هـ. وفيه فائدة حسنة يفيدها التعليل أيضا، وهي أن الزائغة الأولى إذا كانت غير نافذة وأراد واحد من أهل القصوى فتح باب في الأولى له ذلك إن كانت داره متصلة بركن الأولى، وكانت من جانب الدخول إلى القصوى أما لو كانت من الجانب الثاني فلا، إذ لا حق له في المرور في الجانب الثاني، بخلاف ما إذا كانت الأولى نافذة فإن له المرور من الجانبين، فيكون له فتح الباب من الجانب الثاني أيضا، وبه يظهر الفرق بين كون الأولى نافذة أو لا خلافا لما مر عن الرملي، والظاهر أن كلام الفتح مبني على كون الأولى نافذة وإن حمل على أنها غير نافذة يدعى تخصيصه بغير الصورة المذكورة. [تنبيه] يعلم مما هنا أنه لو أراد فتح باب أسفل من بابه والسكة غير نافذة يمنع منه وقيل لا وفي كل من القولين اختلاف التصحيح والفتوى قال في الخيرية والمتون على المنع فليكن المعول عليه. (قوله وفي زائغة مستديرة) محترز قوله يتشعب عنها مثلها، فإن المراد بها الطويلة ويقابلها المستديرة وفي حاشية الواني على الدرر هذا إذا كانت أي المستديرة مثل نصف دائرة أو أقل، حتى لو كانت أكثر من ذلك لا يفتح فيها الباب والفرق أن الأولى تصير ساحة مشتركة بخلاف الثانية فإنه إذا كان داخلها أوسع من مدخلها يصير موضعا آخر غير تابع للأول كذا قيل ا هـ. وقائله صدر الشريعة ومنلا مسكين ورده ابن كمال. (قوله لأنها كساحة إلخ) قال في الفتح: لأن لكل حق المرور إذ هي ساحة مشتركة غاية الأمر أن فيها اعوجاجا ولهذا يشتركون في الشفعة إذا بيعت دار منها ا هـ. (قوله ولذا يمكنهم نصب البوابة) لم أر فيما عندي من كتب اللغة لفظ البوابة وهي في عرف الناس اليوم اسم الباب الكبير الذي ينصب في رأس السكة أو المحلة مثلا وعبارة ابن كمال عن الحلواني ولذا يمكنهم نصب الدرب، وفي القاموس، الدرب باب السكة الواسع والباب الأكبر جمعه دراب. (قوله بهذه الصورة) اختلفت النسخ في كيفية رقمها ولنصورها بصورة جامعة للمستطيلة المتشعب عنها مستطيلة مثلها نافذة وغير نافذة ومستديرة ومربعة هكذا: فالدار الثالثة التي في ركن المتشعبة الغير النافذة لو كان بابها في الطويلة يمنع صاحبها عن فتح الباب في المتشعبة الغير النافذة لأنه ليس له حق المرور فيها ولو كان بابها في المتشعبة لا يمنع من فتح باب في الأولى الطويلة وأما الدار الرابعة التي في الركن الثاني لو كان بابها في الطويلة يمنع من فتحه في المتشعبة المذكورة، وكذا لو كان في المتشعبة يمنع من فتحه في الطويلة لأنه ليس له حق المرور في ذلك الجانب لكن هذا إذا كانت الطويلة غير نافذة بخلاف النافذة لأن له حق المرور حينئذ من الجانبين كما قلنا فيما مر. وأما الدار الخامسة التي في الركن الأول من المتشعبة الثانية النافذة فلصاحبها فتح باب فيها وفي الطويلة بخلاف الدار السادسة التي في الركن الثاني من المتشعبة المذكورة فإنه لو كان بابه فيها يمنع من الفتح في الطويلة لو غير نافذة لا لو نافذة لما علمت. مطلب اقتسموا دارا وأراد كل منهم فتح باب لهم ذلك [تتمة] في منية المفتي من كتاب القسمة دار في سكة غير نافذة بين جماعة اقتسموها وأراد كل منهم فتح باب وحده ليس لأهل السكة منعهم. قلت: ينبغي تقييده بما إذا أرادوا فتح الأبواب فيما قبل الباب القديم لا فيما بعده كما قدمناه آنفا عن الخيرية من التعويل على ما في المتون نعم على القول الثاني المصحح أيضا لا تفصيل ثم قال في المنية دار لرجل بابها في سكة غير نافذة فاشترى بجنبها دارا بابها في سكة أخرى له فتح باب لها في داره الأولى لا في السكة الأولى وبه أفتى أبو جعفر وأبو الليث وقال أبو نصير له ذلك لأن أهل السكة شركاء فيها بدليل ثبوت حق الشفعة للكل ا هـ. ملخصا. قلت: الظاهر أنه مبني على الخلاف السابق والله تعالى أعلم. (قوله ولا يمنع الشخص إلخ) هذه القاعدة تخالف المسألة التي قبلها فإن المنع فيها من تصرف ذي السفل مطلق عن التقييد بكونه مضرا ضررا بينا أولى وهنا المنع مقيد بالضرر البين ولا سيما على ظاهر الرواية الآتي من أنه لا يمنع مطلقا نعم على ما قدمنا من أن المختار المنع في الضرر البين والمشكل تندفع المخالفة على ما مشى عليه المصنف هنا، وقد يجاب بأن المسألة المتقدمة ليست من فروع هذه القاعدة فإن ما هنا في تصرف الشخص في خالص ملكه الذي لا حق للجار فيه وما مر في تصرفه فيما فيه حق للجار، فإن السفل وإن كان ملكا لصاحبه إلا أن لذي العلو حقا فيه فلذا أطلق المنع فيه ولذا لو هدم ذو السفل سفله يؤمر بإعادته بخلاف ما هنا هذا ما ظهر لي فاغتنمه. (قوله بينا) أي ظاهرا ويأتي بيانه قريبا. (قوله واختاره في العمادية) حيث قال كما في جامع الفصولين والحاصل أن القياس في جنس هذه المسائل أن من تصرف في خالص ملكه لا يمنع منه ولو أضر بغيره لكن ترك القياس في محل يضر بغيره ضررا بينا وقيل بالمنع وبه أخذ كثير من مشايخنا وعليه الفتوى ا هـ. قلت: قوله وقيل بالمنع عطف تفسير على قوله ترك القياس فليس قولا ثالثا، نعم وقع في الخيرية: وقيل بالمنع مطلقا إلخ، ومقتضاه أنه قول ثالث بالمنع سواء كان الضرر بينا أو لا لكن عزا في الخيرية ذلك إلى التتارخانية والعمادية وليس ذلك في العمادية كما رأيت، فالظاهر أن لفظ مطلقا سبق قلم؛ ويدل عليه قوله في الفتح: والحاصل أن القياس في جنس هذه المسائل أن يفعل المالك ما بدا له مطلقا لأنه متصرف في خالص ملكه لكن ترك القياس في موضع يتعدى ضرره إلى غيره ضررا فاحشا وهو المراد بالبين وهو ما يكون سببا للهدم، أو يخرج عن الانتفاع بالكلية وهو ما يمنع الحوائج الأصلية كسد الضوء بالكلية واختاروا الفتوى عليه فأما التوسع إلى منع كل ضرر ما يفسد باب انتفاع الإنسان بملكه كما ذكرنا قريبا ا هـ. ملخصا فانظر كيف جعل المفتى به القياس الذي يكون فيه الضرر بينا لا مطلقا، وإلا لزم أنه لو كانت له شجرة مملوكة يستظل بها جاره وأراد قطعها أن يمنع لتضرر الجار به كما قرره في الفتح قبله. قلت: وأفتى المولى أبو السعود أن سد الضوء بالكلية ما يكون مانعا من الكتابة فعلى هذا لو كان للمكان كوتان مثلا فسد الجار ضوء إحداهما بالكلية لا يمنع إذا كان يمكن الكتابة بضوء الأخرى، والظاهر أن ضوء الباب لا يعتبر لأنه يحتاج لغلقه لبرد ونحوه كما حررته في تنقيح الحامدية. وفي البحر: وذكر الرازي في كتاب الاستحسان لو أراد أن يبني في داره تنورا للخبز الدائم كما يكون في الدكاكين أو رحى للطحن أو مدقات للقصارين لم يجز لأنه يضر بجيرانه ضررا فاحشا لا يمكن التحرز عنه فإنه يأتي منه الدخان الكثير، والرحى والدق يوهن البناء، بخلاف الحمام لأنه لا يضر إلا بالنداوة ويمكن التحرز عنه بأن يبني حائطا بينه وبين جاره، بخلاف التنور المعتاد في البيوت ا هـ. وصحح النسفي في حمام أن الضرر لو فاحشا يمنع وإلا فلا وتمامه فيه. (قوله حتى يمنع الجار من فتح الطاقة) أي يكون فيها ضرر بين بقرينة ما قبله وهو ما أفتى به قارئ الهداية لما سئل هل يمنع الجار أن يفتح كوة يشرف منها على جاره وعياله؟ فأجاب بأنه يمنع من ذلك ا هـ. وفي المنح عن المضمرات شرح القدوري: إذا كانت الكوة للنظر وكانت الساحة محل الجلوس للنساء يمنع وعليه الفتوى ا هـ. قال الخير الرملي: وأقول لا فرق بين القديم والحديث حيث كانت العلة الضرر البين لوجودها فيهما. (قوله ورجحه في الفتح) حيث قال والوجه لظاهر الرواية. (قوله ثمة) أي في كتاب القسمة في المنح. (قوله فالعمل على المتون) قد يقال: إن هذا لا يقال في كل متن مع شرح بل هذا في نحو المتون القديمة ط أي وهذه المسألة ليست من مسائلها ويظهر من كلام الشارح الميل إلى ما مشى عليه المصنف في متنه لأنه أرفق بدفع الضرر البين عن الجار المأمور بإكرامه، ولذا كان هو الاستحسان الذي مشى عليه مشايخ المذهب المتأخرين وصرحوا بأن الفتوى عليه. والحاصل أنهما قولان معتمدان يترجح أحدهما بما ذكرنا والآخر بكونه أصل المذهب. (قوله قياسا على مسألة السفل إلخ) أقول: هذا غير مسلم لأنه مخالف لكلامهم مع أنه قياس مع الفارق وذلك أنك علمت أن أصل المذهب في مسألتنا عدم المنع مطلقا لكونه تصرفا في خالص ملكه، وخالف المشايخ أصل المذهب فيما إذا كان الضرر بينا ولا يخفى أن التقييد بالبين مخرج للمشكل فالقول بمنع المشكل مخالف للقولين وقياسه على المشكل في مسألة السفل غير صحيح لأن المتون الموضوعة لنقل المذهب ماشية على منع التصرف فيها عكس مسألتنا. وذكر بعض المشايخ أن المختار تقييد المنع بالمضر أو المشكل وما ذاك إلا لكونه تصرفا فيما للجار فيه حق وهو صاحب العلو فالأصل فيه عدم جواز التصرف إلا بإذنه بخلاف مسألتنا فإن الأصل فيها الجواز لكونه تصرفا في خالص حقه فإلحاق المشكل فيها بالمشكل في الأولى غير صحيح فافهم وهذا آخر ما حرره المؤلف بخطه من هذا الجزء، وأما بقية الأجزاء فتممها بنفسه قبل حلول رمسه، فبادر نجله السعيد السيد محمد علاء الدين إلى تكملة الجزء المذكور بتجريد الهوامش التي بخط والده وغيرها على الشرح فقال: {بسم الله الرحمن الرحيم} بالميل لبابك يجبر ثلم القلوب، وبالترقب لهبوب نسمات منحك يضرب على صفحات ثقب الغيوب، يا من بصر بعظيم قدرته العباد وقهرهم بها فلا يكون إلا ما أراد، فنحمده بالحمد اللائق، ونشكره على آلائه بالشكر الفائق ونصلي ونسلم على رسوله محمد المكمل لأمته وعلى آله وصحبه ومن لهج بدعوته. وبعد فإن العالم العامل والعلامة الكامل، وحيد الدهر، وفريد العصر، سيد الزمان، وسعد الأقران، يعسوب العلماء العاملين، ومرجع الجهابذة الفاضلين، ومؤلف هذه الحاشية المرحوم سيدي وأستاذي ووالدي السيد محمد أفندي عابدين، سقى الله ثراه صوب الغفران، وجمعنا وإياه في مستقر رحمته، وأسكننا بحبوحة جنته لما وصل إلى هذا المحل من الكتاب اشتاق إلى مشاهدة رب الأرباب، فنزل حياض المنون، وآثر الجدث الذي ليس بمسكون. وكان رحمه الله بدأ أولا في التأليف من الإجارة إلى الآخر، ثم من أول الكتاب إلى انتهاء هذا التحرير الفاخر وترك على نسخته الدر بعض تعليقات وتحريرات واعتراضات قد كاد تداول الأيدي أن يذهبها لعدم من يذهبها مذهبها، فأردت أن أجرد ما كتبه والدي على نسخته، وألحقه بمسودته من غير زيادة عليه خوف الغلط ونسبته إليه، وإن رأيت حاشية ليست من خطه أنبه عليها بقولي كذا أو ذكر أو في أو قاله في الهامش لعلمي بأنه أقرها وإلا شطبت عليها، ومع هذا يلزم التنبيه كما ترى، والله يعلم ويرى، ومنه أطلب الإعانة والتوفيق لأقوم طريق قال رحمه الله تعالى ونفعنا به ورضي عنه آمين. (قوله ادعى على آخر إلخ) قال قاضي خان: ادعى على رجل أنه أخذ منه مالا وبين المال ووصفه وأقام المدعى عليه البينة على إقرار المدعي أنه أخذ فلان آخر هذا المال المسمى فأنكر المدعي ذلك لم تقبل منه هذه البينة ولا يكون ذلك إبطالا لدعوى الأول. لأن من حجة الأول أن يقول أخذه مني فلان آخر ثم رده علي وأخذه مني هذا المدعى عليه بعد ذلك ا هـ. كذا في الهامش. (قوله ومفاده) أي مفاد قوله أو لم يقل ذلك ح. (قوله بإمكان التوفيق) نقل في البحر أن هذا هو القياس، والاستحسان أن التوفيق بالفعل شرط. قال الرملي: وجواب الاستحسان هو الأصح كما في منية المفتي. (قوله وهو مختار إلخ) قيده في البحر في فصل الفضولي بأن لا يكون ساعيا في نقض ما تم من جهته فراجعه. (قوله من أقوال أربعة) وهي كفاية إمكان التوفيق مطلقا، وعدم كفايته مطلقا، وكفايته من المدعى عليه لا من المدعي، وكفايته إن اتحد وجه التوفيق لا إن تعددت وجوهه ح كذا في الهامش. (قوله بعد وقتها) ظرف للشراء كقبله ح. (قوله في الصورتين) يعني ما إذا قال جحدنيها أو لم يقل ح. (قوله في الثاني) لأنه يدعي الشراء بعد الهبة وشهوده يشهدون له به قبلها وهو تناقض ظاهر لا يمكن التوفيق بينهما، ومرادهم بين الدعوى والبينة وإلا فالمدعي لا تناقض منه لأنه ما ادعى الشراء سابقا على الهبة بحر. (قوله وينبغي ترجيح الثاني إلخ) ولعل وجهه أنه الذي يتحقق به التناقض منح. وفي النهر من باب الاستحقاق: والأوجه عندي اشتراطهما عند الحاكم إذ من شرائط الدعوى كونها لديه ا هـ. وفي شرح المقدسي: ينبغي أن يكفي أحدهما عند القاضي بل يكاد أن يكون الخلاف لفظيا، لأن الذي حصل سابقا على مجلس القاضي لا بد أن يثبت عنده ليترتب على ما عنده حصول التناقض، والثابت بالبيان كالثابت بالعيان فكأنهما في مجلس القاضي، فالذي شرط كونهما في مجلسه يعم الحقيقي والحكمي في السابق واللاحق انتهى وهو حسن. (قوله أو بتكذيب الحاكم) كما لو ادعى أنه كفل له عن مديونه بألف فأنكر الكفالة وبرهن الدائن أنه كفل عن مديونه وحكم به الحاكم وأخذ المكفول منه المال ثم إن الكفيل ادعى على المديون أنه كفل عنه بأمره وبرهن على ذلك يقبل عندنا ويرجع على المديون بما كفل، لأنه صار مكذبا شرعا بالقضاء كذا في المنح ح. (قوله وتمامه في البحر) عبارة البحر في الاستحقاق أولى، وهي إذا قال تركت أحد الكلامين يقبل منه لأنه استدل له بما في البزازية عن الذخيرة: ادعاه مطلقا فدفعه المدعى عليه بأنك كنت ادعيته قبل هذا مقيدا وبرهن عليه فقال المدعي أدعيه الآن بذلك السبب وتركت المطلق يقبل ويبطل الدفع ا هـ. فإن المتروك الثانية لا الأولى ومع هذا نظر فيه صاحب النهر هناك. وقد يقال ذلك القول توفيق بين الدعوتين تأمل. وذكر سيدي الوالد في باب الاستحقاق تأييد ما في النهر. وقال في الخانية رجل ادعى ملكا بسبب ثم ادعاه بعد ذلك ملكا مطلقا فشهد شهوده بذلك ذكر في عامة الروايات أنه لا تسمع دعواه ولا تقبل بينته. قال مولانا رضي الله تعالى عنه: قال جدي شمس الأئمة رحمه الله تعالى لا تقبل بينته ولا تبطل دعواه حتى لو قال أردت بهذا الملك المطلق الملك بذلك السبب تسمع دعواه وتقبل بينته. (قوله عليه) كذا في المنح ولم يذكره في البحر، وكأنه أخذه من قاعدة إعادة النكرة معرفة فيكون المراد به الوقف المار قيل وعليه فلا يظهر التوفيق لأنه تناقض ظاهر ويمكن جريانه على مذهب الثاني القائل بصحة وقفه على نفسه انتهى ولا يخفى عليك ما فيه. وفي البحر من فصل الاستحقاق: ولو ادعى أنها له ثم ادعى أنها وقف عليه تسمع لصحة الإضافة بالأخصية انتفاعا. (قوله أن يطأها) أي بعد الاستبراء إن كانت في يد المشتري أبو السعود عن الحموي عن الجلبي بحثا. (قوله فللبائع ردها) قيده في النهاية بأن يكون بعد تحليف المشتري، إذ لو كان قبله فليس له الرد على بائعه لاحتمال نكول المدعى عليه فاعتبر بيعا جديدا في حق ثالث، وقيده الشارح بأن يكون بعد القبض أما قبله فينبغي أن له الرد مطلقا بكونه فسخا من كل وجه في غير العقار إلا بعد حلفه فيجب تقييد الكتاب بحر. (قوله أقر إلخ) للإمام الطرسوسي تحقيق في هذه المسألة فراجعه في أنفع الوسائل. (قوله زيوف) ما يرده بيت المال. (قوله نبهرجة) ما يرده التجار: قال في القاموس في فصل النون: النبهرج الزيف الرديء ا هـ. وفي المغرب: النبهرج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل الذي الغلبة فيه للفضة، وقد استعير لكل رديء باطل، ومنه بهرج دمه: إذا أهدر وأبطل وعن اللحياني درهم نبهرج ولم أجده بالنون إلا له ا هـ. وهو مخالف لما في القاموس مع أنه المشهور. (قوله أو استوفى) الاستيفاء عبارة عن قبض الحق بالتمام سعدية وابن كمال. (قوله لأنه ظاهر) راجع للأولى وهي قبض الحق أو الثمن، والظاهر ما احتمل غير المراد احتمالا بعيدا، والنص يحتمله احتمالا أبعد دون المفسر لأنه لا يحتمل غير المراد أصلا. (قوله أو نص) راجع للثانية وهو قوله أو استوفى. . (قوله قبل برهانه) لأنه مضطر وإن تناقض قنية. (قوله فرده إلخ) حاصل مسائل رد الإقرار بالمال أنه لا يخلو إما أن يرده مطلقا أو يرد الجهة التي عينها المقر ويحولها إلى أخرى أو يرده لنفسه ويحوله إلى غيره، فإن كان الأول بطل، وإن كان الثاني فإن لم يكن بينهما منافاة وجب المال كقوله له ألف بدل قرض فقال بدل غصب وإلا بطل كقوله ثمن عبد لم أقبضه وقال قرض أو غصب ولم يكن العبد في يده فيلزمه الألف صدقه في الجهة أو كذبه عند الإمام، وإن كان في يده فالقول للمقر في يده، وإن كان الثالث، نحو ما كانت لي قط لكنها لفلان فإن صدقه فلان تحول إليه وإلا فلا، وإن كان بطلاق أو عتاق أو ولاء أو نكاح أو وقف أو نسب أو رق لم يرتد بالرد فيقال الإقرار يرتد برد المقر له إلا في هذه ذكر مجموع ذلك في البحر، وفيه اختصار أوضحته في حاشيته. (قوله في مجلسه) وفي غيره بالأولى. (قوله إلا بحجة) كيف تقبل حجته وهو متناقض في دعواه تأمل في جوابه سعدية واستشكله في البحر أيضا، ونقل خلافه عن البزازية حيث قال: في يده عبد فقال لرجل هو عبدك فرده المقر له ثم قال بل هو عبدي وقال المقر هو عبدي فهو لذي اليد المقر، ولو قال ذو اليد لآخر هو عبدك فقال بل هو عبدك ثم قال الآخر بل هو عبدي وبرهن ولا يقبل للتناقض ا هـ. وهذا يخالف ما في الهداية من أنه لا بد من الحجة فإنه يقتضي سماع الدعوى ا هـ. (قوله لواحد) بخلاف ما لو قال اشتريت وأنكر له أن يصدقه لأن أحد العاقدين لا ينفرد بالفسخ فلا ينفرد بالعقد والمعنى أنه حقهما فبقي العقد فعمل التصديق، أما المقر له فينفرد برد الإقرار فافترقا كذا في الهداية فالحاصل أن كل شيء يكون الحق لهما جميعا إذا رجع المنكر إلى التصديق قبل أن يصدقه الآخر على إنكاره فهو جائز كالبيع والنكاح، وكل شيء يكون فيه الحق لواحد كالهبة والصدقة والإقرار لا ينفعه إقراره بعده كما في القنية بحر س. (قوله ما كان لك) انظر لو لم يذكر لفظ كان وانظر ما سنذكره قريبا عند واقعة سمرقند فإنه يفيد الفرق بين الماضي والحال. (قوله قط) لا فرق بين أن يؤكد النفي بكلمة قط أو لا بحر. (قوله علي إلخ) الأصوب أن يقول على ألف له عليه فافهم، وفي بعض النسخ على أنه له عليه ألف. (قوله على القضاء) أي الإيفاء قيد بدعوى الإيفاء بعد الإنكار: إذ لو ادعاه بعد الإقرار بالدين، فإن كان كلا القولين في مجلس واحد لم يقبل للتناقض، وإن تفرقا عن المجلس ثم ادعاه وأقام البينة على الإيفاء بعد الإقرار تقبل لعدم التناقض، وإن ادعى الإيفاء قبل الإقرار لا يقبل كذا في خزانة المفتين بحر. (قوله إلا في المسألة المخمسة) كأودعنيه فلان أو آجرنيه أو ارتهنته أو غصبته منه أو قال أخذت هذه الأرض مزارعة من فلان أو هذا الكرم معاملة منه سميت مخمسة لأن فيها خمسة أقوال. قال في البحر: وهذه مخمسة كتاب الدعوى لأن صورها خمسة: وديعة وإجارة وإعارة ورهن وغصب، أو لأن فيها خمسة أقوال للعلماء: الأول ما في الكتاب، وهو أنه تندفع خصومة المدعي لأن البينة أثبتت أن يده ليست بيد خصومة وهو قول أبي حنيفة. الثاني قول أبي يوسف، واختاره في المختارات، المدعى عليه إن كان صالحا فكما قال الإمام، وإن معروفا بالجبر لم تندفع عنه لأنه قد يدفع ماله إلى مسافر يرده إياه ويشهد فيحتال لإبطال حق غيره فإذا اتهمه به القاضي لا يقبله. الثالث قول محمد إن الشهود إذا قالوا نعرفه بوجهه فقط لا تندفع، فعنده لا بد من معرفته بالوجه والاسم والنسب. وفي البزازية تعويل الأئمة على قول محمد. وفي العمادية: لو قالوا نعرفه باسمه ونسبه لا بوجهه لم يذكر في شيء من الكتب وفيه قولان، وعند الإمام لا بد أن يقول نعرفه باسمه ونسبه وتكفي معرفة الوجه، واتفقوا على أنهم لو قالوا أودعه رجل لا نعرفه لا تندفع. الرابع قول ابن شبرمة إنها لا تندفع عنه مطلقا لأنه تعذر إثبات الملك لعدم الخصم عنه ودفع الخصومة بناء عليه. قلنا مقتضى البينة شيئان ثبوت الملك للغائب ولا خصم فيه فلم يثبت ودفع خصومة المدعي وهو خصم فيه فثبت وهو كالوكيل بنقل المرأة وإقامة البينة على الطلاق. الخامس قول ابن أبي ليلى تندفع بدون بينة لإقراره بالملك للغائب وقلنا إنه صار خصما بظاهر يده، فهو بإقراره يريد أن يحول حقا مستحقا على نفسه فلا يصدق إلا بحجة، كما لو ادعى تحول الدين من ذمته إلى ذمة غيره ا هـ. (قوله كما سيجيء) في فصل رفع الدعاوى من كتاب الدعوى ح. (قوله قبل برهانه) انظر لو برهن على إيفاء البعض فقد صارت حادثة الفتوى. (قوله في فصل الاستشراء) وفيه فوائد جمة فراجعه. والاستشراء: طلب شراء شيء. (قوله إن لم يصالحه) محل هذه المسألة عند قوله ومن ادعى على آخر مالا قال في البحر: وقيد بكون المدعى عليه لم يصالح لسكوته عنه والأصل العدم. أما إذا أنكر فصالحه على شيء ثم برهن على الإيفاء أو الإبراء لم تسمع دعواه، كذا في الخلاصة ح. (قوله وكأنه إلخ) من كلام صاحب المنح. (قوله فأين) الواقع في المنح فأنى؟ (قوله وإن زاد) أي على قوله فيما تقدم ما لك على شيء. (قوله وقيل) ذكره القدوري عن أصحابنا بحر. (قوله لأن المحتجب) أي من الرجال، والمحتجب: من لا يتولى الأعمال بنفسه، وقيل من لا يراه كل أحد لعظمته بحر. (قوله حتى لو كان) أي المدعى عليه، فرع هذا على ذلك القول في النهاية تبعا لقاضي خان. وفي إيضاح الإصلاح: وفيه نظر لأن مبنى إمكان التوفيق على أن يكون أحدهما ممن لا يتولى الأعمال بنفسه لا المدعى عليه بخصوصه انتهى، ودفعه ظاهر لأن الكلام كله في تناقض المدعى عليه لا المدعي بحر. (قوله نعم لو ادعى إلخ) قال في الدرر عن القنية: المدعى عليه قال للمدعي لا أعرفك فلما ثبت الحق بالبينة ادعى الإيصال لا تسمع، ولو ادعى إقرار المدعي بالوصول أو الإيصال تسمع ا هـ. قال في البحر: لأن المتناقض هو الذي يجمع بين كلامين وهنا لم يجمع ولهذا لو صدقه المدعي عيانا لم يكن متناقضا ذكره التمرتاشي انتهى وتمامه فيه، وهو أحسن مما علل به الشارح، وبه ظهر أن قول الشارح إقرار المدعى عليه صوابه المدعي إلا أن يقرأ المدعي بصيغة المبني للفاعل تأمل. (قوله لأن الإقرار إلخ) فيه أن الإقرار بالبيع إقرار بركنيه لأنه مبادلة مال بمال إلا أن يحمل على أنه أقر بالبيع بلا مال تأمل. قال في المبسوط: شهدا على إقرار البائع ولم يسميا الثمن ولم يشهدا بقبض الثمن لا تقبل وإن قالا أقر عندنا أنه باعه منه واستوفى الثمن ولم يسميا الثمن جاز. وفي مجمع الفتاوى: شهدا أنه باع وقبض الثمن جاز، وإن لم يبينوا الثمن، وكذا لو شهدا بإقرار البائع أنه باعه وقبض الثمن ا هـ. وقال في الخلاصة: شهدوا على البيع بلا بيان الثمن، إن شهدوا على قبض الثمن تقبل، وكذا لو بين أحدهما وسكت الآخر ا هـ. نور العين في أوائل الفصل السادس، وانظر ما سنذكره في كتاب الشهادة وفي باب الاختلاف فيها. (قوله أمته منه) لا حاجة إلى قوله منه لأن ضمير باعه يغني عنه ح. (قوله أي المشتري) الأصوب أي البائع كما في البحر. (قوله للتناقض) لأن اشتراط البراءة تغيير للعقد من اقتضاء وصف السلامة إلى غيره فيقتضي وجود العقد وقد أنكره، بخلاف ما مر لأن الباطل قد يقضى ويبرأ منه دفعا للدعوى الباطلة، وهذا ظاهر الرواية عن الكل بحر. (قوله ببيع وكيله) أي وكيل البائع. (قوله وإبرائه عن العيب) من إضافة المصدر إلى مفعوله وهو ضمير الوكيل والفاعل المشتري إلخ وعلى ما قلنا مضاف إلى فاعله والضمير لوكيله وهو المفهوم من عبارة البحر، فقوله أولا لم أبعها منك قط أي مباشرة، وقوله أنه بريء إليه: أي إلى وكيله. (قوله فأنكر) أي بأن قال لا نكاح بيننا كما في البحر عن جامع الفصولين، ولو قال لا نكاح بيني وبينك فلما برهنت على النكاح برهن هو على الخلع تقبل بينته، ولو قال: لم يكن بيننا نكاح قط أو قال: لم أتزوجها قط والباقي بحاله ينبغي أن يكون هذا وسيلة العيب، وفي ظاهر الرواية لا تقبل بينة البراءة عن العيب لأنها إقرار بالبيع فكذا الخلع يقتضي سابقة النكاح فيتحقق التناقض ا هـ. (قوله راجح على قوله) إذا الأصل في الجمل الاستقلال والصك يكتب للاستيثاق، فلو انصرف إلى الكل كان مبطلا له فيكون ضد ما قصدوه فينصرف إلى ما يليه ضرورة كذا في التبيين ح. (قوله في جمل) أي قولية وإلا نافى ما قبله. وفي البحر: والحاصل أنهم اتفقوا على أن المشيئة إذا ذكرت بعد جمل متعاطفة بالواو كقوله عبده حر وامرأته طالق وعليه المشي إلى بيت الله الحرام إن شاء الله ينصرف إلى الكل فبطل الكل، فمشى أبو حنيفة على حكمه وهما أخرجا صورة، كتب الصك من عمومه بعارض اقتضى تخصيص الصك من عموم حكم الشرط المتعقب جملا متعاطفة للعادة وعليها يحمل الحادث، ولذا كان قولهما استحسانا راجحا على قوله كذا في فتح القدير وظاهره أن الشرط ينصرف إلى الجميع وإن لم يكن بالمشيئة انتهى. (قوله بشرط) أي سواء كان الشرط هو المشيئة أو غيرها كما صرح به في البحر ح، والظاهر أن هذا خاص بالإقرار لما سيأتي بعده من قوله وأما الاستثناء إلخ تأمل،. (قوله إيقاعيتين) أي منجزتين ليس فيهما تعليق بقرينة المقابلة نحو أنت طالق، وهذا حر إن شاء الله تعالى ح قوله أو به بعد سكوت) أي إذا كان السكوت بين الجملة الأخيرة وبين ما قبلها. (قوله إلا بما فيه تشديد) فلو قال إن دخلت الدار فأنت طالق وسكت، ثم قال: وهذه الأخرى دخلت الثانية في اليمين، بخلاف وهذه الدار الأخرى ولو قال وهذه طالقة ثم سكت وقال وهذه طلقت الثانية وكذا في العتق بحر كذا في الهامش. (قوله تحكيما للحال) أي لظاهر الحال. (قوله كما إلخ) ليست هذه المسألة موجودة فيما كتب عليه المصنف. (قوله جريان إلخ) لا وجه لتخصيص الجريان بل الانقطاع كذلك فكان الأولى حذفه. (قوله ثم الحال إنما تصلح حجة للدفع لا للاستحقاق) فإن قيل هذا منقوض بالقضاء بالأجر على المستأجر إذا كان ماء الطاحونة جاريا عند الاختلاف لأنه استدلال بالحال لإثبات الأجر قلنا: إنه استدلال لدفع ما يدعي المستأجر على الآجر من ثبوت العيب الموجب لسقوط الأجر. وأما ثبوت الأجر فإنه بالعقد السابق الموجب له فيكون دافعا لا موجبا يعقوبية. وفي الهامش عن البحر: فلو مات مسلم وله امرأة نصرانية فجاءت مسلمة بعد موته وقالت: أسلمت قبل موته، وقالت الورثة أسلمت بعد موته فالقول قولهم أيضا ولا يحكم الحال، لأن الظاهر لا يصلح حجة للاستحقاق وهي محتاجة إليه وأما الورثة فهم الدافعون ويظهر لهم ظاهر الحدوث أيضا ا هـ. . (قوله كما في مسلم إلخ) تمثيل للمنفي وهو الاستحقاق. وحاصله إنما كان القول لهم هنا أيضا لما سيأتي، ولا يمكن أن يكون لها بناء على تحكيم الحال، لأنه لا يصلح حجة للاستحقاق وهي محتاجة إليه. (قوله لمدعي الإسلام) فلو مات رجل وأبواه ذميان فقالا مات ابننا كافرا وقال ولده المسلمون مات مسلما فميراثه للولد دون الأبوين بحر عن الخزانة. (قوله مودعي) قال في البحر قيد بإقراره بالبنوة، لأنه لو قال هذا أخوه شقيقه ولا وارث له غيره وهو يدعيه فالقاضي يتأنى في ذلك. والفرق أن استحقاق الأخ بشرط عدم الابن بخلاف الابن لأنه وارث على كل حال، ومراده بالابن من يرث بكل حال فالبنت والأب والأم كالابن. وكل من يرث بحال دون حال فهو كالأخ بحر. (قوله زيلعي) وهو الصواب كما في الفتح خلافا لما في غاية البيان. (قوله تركة قسمت إلخ) قال في آخر الفصل الثاني عشر من جامع الفصولين رامزا إلى الأصل: الوارث لو كان محجوبا بغيره كجد وجدة وأخ وأخت لا يعطى شيئا ما لم يبرهن على جميع الورثة: أي إذا ادعى أنه أخو الميت فلا بد أن يثبت ذلك في وجه جميع الورثة الحاضرين أو يشهدا أنهما لا يعلمان وارثا غيره، ولو قالا لا وارث له غيره تقبل عندنا لا عند ابن أبي ليلى لأنهما جازفا ولنا العرف فإن مراد الناس به لا نعلم له وارثا غيره، وهذه شهادة على النفي فقبلت لما مر من أنها تقبل على الشرط ولو نفيا وهنا كذلك لقيامها على شرط الإرث، ولو كان الوارث ممن لا يحجب بأحد، فلو شهدا أنه وارثه ولم يقولا لا وارث له غيره أو لا نعلمه يتلوم القاضي زمانا رجاء أن يحضر وارث آخر، فإن لم يحضر يقضي له بجميع الإرث ولا يكفل عند أبي حنيفة في المسألتين يعني فيما إذا قالا لا وارث له غيره أو لا نعلمه، وعندهما يكفل فيهما، ومدة التلوم، مفوضة إلى رأي القاضي وقيل حول وقيل شهر، وهذا عند أبي يوسف. وأما أحد الزوجين لو أثبت الوراثة ببينة ولم يثبت أنه لا وارث له غيره فعند أبي حنيفة ومحمد يحكم لهما بأكثر النصيبين بعد التلوم، وعند أبي يوسف بأقلهما وله الربع ولها الثمن ا هـ. ملخصا، وإن تلوم ومضى زمانه فلا فرق بين كونه ممن يحجب كالأخ أو ممن لا يحجب كالابن كما في البزازية من العاشر في النسب والإرث، وانظر ما سيأتي قبيل باب الشهادة على الشهادة. (قوله كذا نسخ المتن) يعني بإسقاط لا، والحق ثبوتها كما في سائر الكتب ح. (قوله لم يكفلوا) مبني للمجهول مضعف العين والواو للورثة أو الغرماء: أي لا يأخذ القاضي منهم كفيلا ح، قال في الدرر: أي لم يؤخذ منه كفيل بالنفس عند الإمام وقالا يؤخذ ا هـ. وهذا ظاهر في أنه على قولهما يؤخذ كفيل بالنفس، ثم رأيته لتاج الشريعة. أبو السعود عن شيخه ولم يره في البحر فتوقف في أنها بالمال أو النفس. (قوله لجهالة) علة لقوله لم يكفلوا كذا في الهامش. (قوله ويتلوم) أي يتأنى والمراد تأخير القضاء لا تأخير الدفع بعده كما أفاده في البحر عن غاية البيان، والمسألة على وجوه ثلاثة فارجع إلى البحر، وسيأتي شيء منها قبيل الشهادة على الشهادة. (قوله مدة) وقدر مدته مفوض إلى رأي القاضي. وقدره الطحاوي بحول، وعلى عدم التقدير حتى يغلب على ظنه أنه لا وارث أو لا غريم له آخر. (قوله ثبت بالإقرار) أي الإرث والدين، وهو محترز قوله بشهود. (قوله ذلك) أي قالوا لا نعلم له وارثا أو غريما ح كذا في الهامش. (قوله ادعى) قال في جامع الفصولين من الرابع: ادعى عليهما أن الدار التي بيدكما ملكي فبرهن على أحدهما، فلو الدار في يد أحدهما بإرث فالحكم عليه حكم على الغائب إذ أحد الورثة ينتصب خصما عن البقية، ولو لم يكن كل الدار بيده لا يكون قضاء على الغائب بل يكون قضاء بما في يد الحاضر على الحاضر ولو بيد أحدهما بشراء لا يكون الحكم على أحدهما حكما على الآخر انتهى. (قوله جحد ذو اليد إلخ) هذا التعميم غير صحيح بعد قوله وبرهن عليه لأن البرهان يستلزم سبق الجحد والصواب أن يبدل قوله وبرهن عليه بقوله وثبت ذلك فيشمل الثبوت بالإقرار وبالبينة، وحينئذ يسقط قوله جحد دعواه أو لم يجحد ح. ويجاب بأن هذا التعميم راجع إلى قوله وترك باقيه أشار به إلى الخلاف فافهم. (قوله خلافا لهما) حيث قالا إن جحد ذو اليد يؤخذ منه ويجعل في يد أمين لخيانته بجحوده وإلا ترك في يده. (قوله خصما للميت) الأصوب عن الميت. قال في الهامش ناقلا عن البحر: إنما ينتصب خصما عن الباقي بثلاثة شروط: كون العين كلها في يده، وأن لا تكون مقسومة، وأن يصدق الغائب على أنها إرث عن الميت المعين انتهى. (قوله والحق إلخ) لا ارتباط له بما قبله لأن ما قبله في انتصاب أحد الورثة خصما للميت، وهذا الفرق في انتصاب أحدهم خصما فيما عليه. قال في البحر: وكذا ينتصب أحدهم فيما عليه مطلقا إن كان دينا، وإن كان في دعوى عين فلا بد من كونها في يده ليكون قضاء على الكل، وإن كان البعض في يده نفذ بقدره كما صرح به في الجامع الكبير، وظاهر ما في الهداية والنهاية والعناية أنه لا بد من كونها كلها في يده في دعوى الدين أيضا، وصرح في فتح القدير بالفرق بين العين والدين وهو الحق وغيره سهو ا هـ. وفي حاشية أبي السعود عن شيخه: ووجه الفرق بينهما أن حق الدائن شائع في جميع التركة بخلاف مدعي العين ا هـ. (قوله والعين) حيث لا ينتصب أحد الورثة خصما عن الباقي في دعوى العين إلا إذا كانت في يده، ولا يشترط في دعوى الدين كون جميع التركة في يده حتى ينتصب خصما عن الباقي خلافا لما في الهداية والنهاية والعناية ح. (قوله لو مقرا) أي كالعقار. (قوله مالي أو ما أملكه إلخ) ظاهره دخول الدين أيضا، وحكى في القنية قولين، واعتمد في وصايا الوهبانية الدخول، ونقل السائحاني عن المقدسي لا شك أن الدين تجب فيه الزكاة ويصير مالا عند الاستيفاء، لكن في البحر عن الخانية عدم الدخول وهو مقتضى قولهم إن الدين ليس بمال، حتى لو حلف أن لا مال له وله دين على الناس لم يحنث. ونقل ابن الشحنة عن ابن وهبان أن في حفظه من الخانية رواية الدخول ح. (قوله جنس مال الزكاة) أي جنس كان، بلغت نصابا أو لا، عليه دين مستغرق أو لا بحر. (قوله تصدق بقدره) أي بقدر ما أمسك لأن حاجته مقدمة، فيمسك أهل كل صنعة قدر كفايته إلى أن يتجدد له شيء فتح. (قوله فحيلته) أي إن أراد أن يفعل ولا يحنث. (قوله ثم يفعل ذلك) أي المحلوف عليه. (قوله فلا يلزمه شيء) قال العلامة المقدسي: ومنه يعلم أن المعتبر الملك حين الحنث لا حين الحلف انتهى. أقول: ويعلم منه أن المشترى باسم المفعول بخيار الرؤية لا يدخل في ملكه حتى يراه ويرضى به قاله الشيخ أبو الطيب مدني، والمسألة تحتاج إلى المراجعة، وما نقله عن البحر عزاه في البحر إلى الولوالجية في الحيل آخر الكتاب، وتمامه فيها حيث قال: وإن كان له ديون على الناس يتصالح عن تلك الديون مع رجل بثوب في منديل ثم يفعل ذلك ويرد الثوب بخيار الرؤية فيعود الدين ولا يحنث انتهى. (قوله فصح تصرفه) لا يخفى أن من حكم الوصي أنه لا يملك عزل نفسه بعد القبول حقيقة أو حكما، وظاهر ما هنا تبعا للكنز أنه يصير وصيا قبل التصرف، وليس كذلك بل إنما يصير بعده كما نبه عليه في البحر، ولذا قال في نور العين: مات وباع وصيه قبل علمه بوصايته وموته جاز استحسانا ويصير ذلك قبولا منه للوصاية ولا يملك عزل نفسه فكان على الشارح أن يقول إن تصرفه قبله بدل قوله فصح تصرفه فتنبه. (قوله بلا علم وكيل) فلو باع الوصي شيئا من التركة قبل العلم بالوصية جاز البيع، ولو باع الوكيل قبل العلم بها لم يجز بحر أي فيكون بيع الفضولي فلم يجزه موكله أو الوكيل بعد علمه بها كما في نور العين من الثالث والعشرين. وفي البزازية عن الثاني خلافه، وفي البحر: أما إذا علم المشتري بالوكالة واشترى منه ولم يعلم البائع الوكيل كونه وكيلا بالبيع بأن كان المالك قال للمشتري اذهب بعبدي إلى زيد فقل له حتى يبيعه بوكالته عني منك فذهب به إليه ولم يخبره بالتوكيل فباعه هو منه يجوز، وتمامه فيه. (قوله أو فاسق) أي إذا صدقه الوكيل حتى لو كذبه لا يثبت، فعلى هذا لا فرق بين الوكالة والعزل لأن في العزل أيضا إذا صدقه ينعزل كذا في غاية البيان يعقوبية. (قوله في الأصح) خلافا لما في الكنز حيث قيد بالمستورين. فإن ظاهره أنه لا يقبل خبر الفاسقين وهو ضعيف لأن تأثير خبرهما أقوى من تأثير خبر العدل بدليل أنه لو قضى بشهادة واحد عدل لم ينفذ وبشهادة عدلين نفذ كما في البحر عن الفتح، ونقله في المنح أيضا. (قوله وعزل قاض) ذكره في البحر بحثا. (قوله شطري الشهادة) أي العدد أو العدالة. وفي الحواشي السعدية: أقول فيه إشارة إلى أن العدالة لا تشترط في العدد وأن قوله عدل صفة رجل قال في التلويح وهو الأصح. (قوله ويشترط) أي في المخبر. (قوله سائر الشروط) أي مع العدد أو العدالة على قول الإمام الأعظم فلا يثبت بخبر المرأة والعبد والصبي وإن وجد العدد أو العدالة، وقل من نبه على هذا. (قوله في الشاهد) أي المشروطة في الشاهد. (قوله القصدي) احتراز عما إذا كان حكميا كموت الموكل فإنه يثبت وينعزل قبل العلم ح. (قوله إذا لم يصدقه) أما إذا صدقه قبل ولو فاسقا بحر وقد مر. (قوله غير المرسل) الذي في البحر غير الخصم ورسوله. (قوله ورسوله) فلا يشترط فيه العدالة، حتى لو أخبر الشفيع المشتري بنفسه وجب الطلب إجماعا والرسول يعمل بخبره وإن كان فاسقا أو كذبه بحر، وتمامه فيه. (قوله وإن لم إلخ) بأن قال له بع هذا العبد فقط. (قوله على الصحيح) اعلم أن أمين القاضي هو من يقول له القاضي جعلتك أمينا في بيع هذا العبد، أما إذا قال بع هذا العبد ولم يزد عليه اختلف المشايخ، والصحيح أنه لا يلحقه عهدة ذكره شيخ الإسلام جواهر زادة كما في البحر معزيا إلى شرح التلخيص للفارسي. أقول: والمسألة مذكورة هكذا في الفتاوى الولوالجية منح. (قوله الغرماء) أي أرباب الديون لم يذكر الوارث مع أنهما سواء فإذا لم يكن في التركة دين كان العاقد عاملا له فيرجع عليه بما لحقه من العهدة إن كان وصي الميت وإن كان القاضي أو أمينه هو العاقد رجع على المشتري كما ذكره الزيلعي، لأن ولاية البيع للقاضي إذا كانت التركة قد أحاط بها الدين ولا يملك الوارث البيع بحر. (قوله عند القاضي) أو أمينه منح. (قوله بخلاف) قيد لقوله ولا يحلف. (قوله نائب الناظر) قال في البحر: إن نائب الإمام كهو ونائب الناظر كهو في قبول قوله، فلو ادعى ضياع مال الوقف أو تفريقه على المستحقين فأنكروا فالقول له كالأصيل لكن مع اليمين، وبه فارق أمين القاضي فإنه لا يمين عليه كالقاضي ا هـ. منح. (قوله ولو باعه الوصي) قال في الشرنبلالية: لا فرق فيه بين وصي الميت ومنصوب القاضي مدني. (قوله أو بلا أمره) أي بطريق الأولى. (قوله للعبد) وقول الدرر الثمن سبق قلم وصوابه المثمن. (قوله وإن نصبه القاضي) الأولى حذفه والاقتصار على قوله لأنه عاقد نيابة عن الميت كما في الهداية ليشمل وصي الميت قال في الكفاية: أما إذا كان الميت أوصى إليه فظاهر، وأما إذا نصبه فكذلك لأن القاضي إنما نصبه ليكون قائما مقام الميت لا مقام القاضي. (قوله إليه) كما إذا وكله حال حياته. (قوله ولو ظهر بعده إلخ) فيه إيجاز مخل يوضحه ما في فتح القدير، فلو ظهر للميت مال، يرجع الغريم فيه بدينه بلا شك، وهل يرجع بما ضمن للمشتري؛ فيه خلاف قيل نعم وقال مجد الأئمة السرخسي: لا يأخذ في الصحيح من الجواب لأن الغريم إنما يضمن من حيث إن العقد وقع له فلم يكن له أن يرجع على غيره، وفي الكافي: الأصح الرجوع لأنه قضى بذلك وهو مضطر فيه، فقد اختلف في التصحيح كما سمعت ا هـ. وقوله بما ضمن للمشتري يفيد أن الاختلاف في المسألة الأولى لأنه في الثانية إنما ضمن للوصي لا للمشتري، لكن قال في البحر: وقيل لا يرجع به في الثانية والأول أصح ا هـ. والحاصل أنه في الأولى اختلف التصحيح في الرجوع وفي الثانية الأصح عدمه فتنبه، ووجدت في نسخة رجع الغريم منه بدينه لا بما غرم هو الأصح قال ح: وقيل يرجع بما غرم أيضا وصحح. (قوله فيه) أي في المال الذي ظهر للميت. (قوله لما مر) متعلق بقوله كان الهالك من مالهم والمراد بما مر أن القاضي لا يضمن. (قوله عدل) أي وعالم كذا قيده في الملتقى وغيره مدني وكذا قيده في الكنز ولا بد منه هنا لمقابلة قوله وإن عدلا جاهلا. قال في البحر وما ذكره المصنف قول الماتريدي. وفي الجامع الصغير لم يعتبره بهما، ثم رجع محمد فقال لا يؤخذ بقوله إلا أن يعاين الحجة أو يشهد بذلك مع القاضي عدل وبه أخذ مشايخنا ا هـ. وبهذا يظهر لك أن كلام المصنف ملفق من قولين لأن عدم تقييده بالعدالة والعلم مبني على ما في الجامع الصغير والتفصيل بعده مبني على قول الماتريدي وحينئذ فحيث قيده الشارح بقوله عدل يجب زيادة عالم أيضا فيكون على قول الماتريدي، ويكون قوله بعد وقيل يقبل لو عدلا عالما مستدركا، وحقه أن يقول وقيل يقبل ولو لم يكن عالما وهو ما في الجامع الصغير. (قوله ولي الأمر) انظر ما قدمناه في باب الإمامة من كتاب الصلاة. (قوله ومنعه محمد) هذا ما رجع إليه بعد الموافقة لهما ح. (قوله حتى يعاين الحجة) زاد عليه بعض المشايخ أو يشهد بذلك مع القاضي عدل وهو رواية عنه وقد استبعده في فتح القدير بكونه بعيدا في العادة وهو شهادة القاضي عند الجلاد والاكتفاء بالواحد على هذه الرواية في حق يثبت بشاهدين، وإن كان في زنا فلا بد من ثلاثة أخر كذا ذكره الإسبيجابي بحر. (قوله وقيل يقبل لو عدلا عالما) دخول على المتن قصد به إصلاحه، وذلك أنه أطلق أولا القاضي ولم يقيده بالعدل العالم تبعا للجامع الصغير وهو ظاهر الرواية، ثم ذكر التفصيل وهو على قول الماتريدي القائل باشتراط كونه عدلا عالما كما مشى عليه في الكنز، وإن أردت زيادة الدراية فارجع إلى الهداية، وحيث كان مراد الشارح ذلك فكان الصواب أن يحذف قوله عدل في أول المسألة فإنه من الشرح على ما رأيناه. واعلم أنه على رواية الجامع رجع محمد وقال لا حتى يعاين الحجة كما مر بيانه وأن عليه الفتوى وقال في البحر لكن رأيت بعد ذلك في شرح أدب القضاء للصدر الشهيد أنه صح رجوع محمد إلى قولهما. قال: والحاصل المفهوم من شرح الصدر أنهما قالا بقبول إخباره عن إقراره بشيء لا يصح رجوعه عنه مطلقا وأن محمدا أولا وافقهما ثم رجع عنه وقال لا يقبل إلا بضم رجل آخر عدل إليه ثم صح رجوعه إلى قولهما. وأما إذا أخبر القاضي بإقراره عن شيء يصح رجوعه عنه كالحد لم يقبل قوله بالإجماع وإن أخبر عن ثبوت الحق بالبينة فقال قامت بذلك بينة وعدلوا وقبلت شهادتهم على ذلك تقبل في الوجهين جميعا ا هـ. وضمير إقراره راجع إلى الخصم. هذا، ولا يخفى عليك أن الكلام في القاضي المولى، وأما المعزول فلا يقبل ولو شهد معه عدل كما مر عن النهر أوائل كتاب القضاء. (قوله إن استفسر إلخ) بأن يقول في حد الزنا إني استفسرت المقر بالزنا كما هو المعروف فيه وحكمت عليه بالرجم، ويقول في حد السرقة إنه ثبت عندي بالحجة أنه أخذ نصابا من حرز لا شبهة فيه وفي القصاص أنه قتل عمدا بلا شبهة، وإنما يحتاج إلى استفسار الجاهل لأنه ربما يظن بسبب جهله غير الدليل دليلا كفاية. (قوله شرعيا) فيشمل الإقرار. (قوله لإنكاره الضمان) بالمثل لا بالقيمة شيخنا فلا يكون القول له إلا في أنها متنجسة فيضمن قيمتها متنجسة كما نقله أبو السعود عن الشيخ شرف الدين الغزي محشي الأشباه وعبارة الخانية قبيل كتاب القاضي من الشهادات: القول قوله مع يمينه في إنكاره استهلاك الطاهر ولا يسع الشهود أن يشهدوا عليه أنه صب زيتا غير نجس، وتمامه فيها فراجعها وهي أظهر مما هنا. (قوله وكذا لو زعم إلخ) أي المدعي، لكن لو أقر القاطع والآخذ في هذا بما أقر به القاضي يضمنان لأنهما أقرا بسبب الضمان وقول القاضي مقبول في دفع الضمان عن نفسه لا في إبطال سبب الضمان عن غيره بخلاف الأول لأنه ثبت فعله في قضائه بالتصادق ولو كان المال في يد الآخذ قائما وقد أقر بما أقر به القاضي والمأخوذ منه المال صدق القاضي في أنه فعله في قضائه أو لا يؤخذ منه لأنه أقر أن اليد كانت له فلا يصدق في دعوى التملك إلا بحجة، وقول المعزول ليس بحجة فيه بحر. (قوله لأنه أسند) أي القاضي. (قوله إلى حالة) فصار كما إذا قال طلقت أو أعتقت وأنا مجنون وجنونه معهود بحر. (قوله للضمان) أي من كل وجه كما زاده في البحر أخذا مما في المجمع. قال فلا يرد ما لو قال المولى لأمته بعد عتقها قطعت يدك وأنت أمتي وقالت قطعتها وأنا حرة حيث يكون القول لها لأنه أسند فعله إلى حالة قد يجامعها الضمان في الجملة، لأن كونها أمة له لا ينفي الضمان عنه من كل وجه، ألا ترى أنه يضمن إذا كانت مرهونة أو مأذونة مديونة ا هـ. ملخصا وتمام التفاريع عليه فيه فراجعه. (قوله في الأشباه) وعبارتها قال في بسط الأنوار للشافعية من كتاب القضاء ما لفظه: وذكر جماعة من أصحاب الشافعي وأبي حنيفة إذا لم يكن للقاضي شيء من بيت المال فله أخذ عشر ما يتولى من مال الأيتام والأوقاف ثم بالغ في الإنكار ا هـ. ولم أر هذا لأصحابنا ا هـ. وما أحببت نقل الشارح العبارة على هذا الوجه لئلا يظن بعض المتهورين صحة هذا النقل مع أن الناقل بالغ في إنكاره كما ترى كيف وقد اختلفوا عندنا في أخذه من بيت المال فما ظنك في اليتامى والأوقاف. (قوله والأوقاف) أقول: زاد في الأشباه قوله ثم بالغ في الإنكار إلخ. قال العلامة الشيخ خير الدين الرملي في حاشيته على الأشباه ما نصه: قوله ثم بالغ في الإنكار أقول يعني على الجماعتين والمبالغة في إنكاره واضحة الاعتبار، وذلك أنه لو تولى على عشرين ألفا مثلا ولم يلحقه من المشقة فيها شيء بماذا يستحق عشرها وهو مال اليتيم وفي حرمته جاءت القواطع، فما هو إلا بهتان على الشرع الساطع وظلمة غطت على بصائرهم، فنعوذ بالله من غضبه الواقع، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ا هـ. وقال بيري زادة في حاشيتها: والصواب أن المراد من العشر أجر مثل عمله حتى لو زاد رد الزائد ا هـ. مدني. (قوله في مسألة الطاحونة) أي إذا كان له عمل والذي في الخانية من الوقف: رجل وقف ضيعة على مواليه وقفا صحيحا فمات الواقف وجعل القاضي الوقف في يد قيم وجعل للقيم عشر الغلات وفي الوقف طاحونة في يد رجل بالمقاطعة لا حاجة فيها إلى القيم وأصحاب هذه الطاحونة يقبضون غلتها لا يجب للقيم عشر هذه الطاحونة لأن القيم يأخذ ما يأخذ بطريق الأجر فلا يستوجب الأجر بدون العمل ا هـ. وهكذا في التتارخانية ح.
|