الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{ثَلاَثُونَ شَهْرًا} كل ذلك بيان لما تكابده الأم في تربية الولد مبالغة في التوصية بها. وفيه دليل على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر لأنه إذا حط منه الفصال حولأن لقوله تعالى: {حوليْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة} بقي ذلك وبه قال الأطباء و لعل تخصيص أقل الحمل وأكثر الرضاع لأنضباطهما وتحقق ارتباط حكم النسب والرضاع بهما.{حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} إذا اكتهل واستحكم قوته وعقله.{وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} قيل لم يبعث نبي إلا بعد الأربعين.{قال رَبّ أَوْزِعْنِى} ألهمني وأصله أولعني من أوزعته بكذا.{أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وعلى وَالِدَىَّ} يعني نعمة الدين أو ما يعمها وغيرها. وذلك يؤيد ما روي أنها نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه لأنه لم يكن أحد أسلم هو وأبواه من المهاجرين والأنصار سواه.{وَأَنْ أَعْمَلَ صالحا ترضاه} نكرة للتعظيم أولأنه أراد نوعًا من الجنس يستجلب رضا الله عز وجل.{وَأَصْلِحْ لِى في ذُرّيَّتِى} واجعل لي الصلاح ساريًا في ذريتي راسخًا فيهم ونحوه قوله:
{إِنّى تُبْتُ إِلَيْكَ} عما لا ترضاه أو يشغل عنك.{وَإِنّى مِنَ المسلمين} المخلصين لك.{أولئِكَ الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ} يعني طاعاتهم فإن المباح حسن ولا يثاب عليه.{وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيَّئَاتِهِمْ} لتوبتهم. وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالنون فيهما.{فِى أصحاب الجنة} كائنين في عدادهم أو مثابين أو معدودين فيهم.{وَعْدَ الصدق} مصدر مؤكد لنفسه فإن يتقبل ويتجاوز وعد {الذى كَانُواْ يُوعَدُونَ} أي في الدنيا.{والذى قال لوالديه أُفّ لَّكُمَا} مبتدأ خبره {أولئك}. والمراد به الجنس وإن صح نزولها في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه. فإن خصوص السبب لا يوجب التخصيص. وفي {أُفّ} قراءات ذكرت في سورة (بني إسرائيل).{أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ} أبعث. وقرأ هشام {أتعداني} بنون واحدة مشددة.{وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِى} فلم يرجع أحد منهم.{وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ الله} يقولان الغياث بالله منك. أو يسألأنه أن يغيثه بالتوفيق للإِيمان.{وَيْلَكَ ءآمِنْ} أي يقولان له {وَيْلَكَ}. وهو الدعاء بالثبور بالحث على ما يخاف على تركه.{إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَيَقول مَا هذا إِلاَّ أساطير الأولين} أباطيلهم التي كتبوها.{أولئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول} بأنهم أهل النار وهو يرد النزول في عبد الرحمن لأنه يدل على أنه من أهلها لذلك وقد جب عنه إن كان لإسلامه.{فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ} كقوله في أصحاب الجنة.{مّنَ الجن والأنس} بيان للأمم.{إِنَّهُمْ كَانُواْ خاسرين} تعليل للحكم على الاستئناف.{ولكُلّ} من الفريقين.{درجات مّمَّا عَمِلُواْ} مراتب من جزاء ما عملوا من الخير والشر. أو من أجل ما عملوا وال {درجات} غالبة في المثوبة وها هنا جاءت على التغليب.{وليوفيهم أعمالهم} جزاءها. وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وابن ذكوان بالنون.{وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} بنقص ثواب وزيادة عقاب.{وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار} يعذبون بها. وقيل تعرض النار عليهم فقلب مبالغة كقولهم: عرضت الناقة على الحوض.{أَذْهَبْتُمْ} أي يقال لهم أذهبتم. وهو ناصب اليوم وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب بالاستفهام غير أن ابن كثير يقرؤه بهمزة ممدودة وهما يقرآن بها وبهمزتين محققتين.{طيباتكم} لذاتكم.{فِى حياتكم الدنيا} باستيفائها.{واستمتعتم بِهَا} فما بقي لكم منها شيء.{فاليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون} {الهوان} وقد قرئ به.{بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ في الأرض بِغَيْرِ الحق وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ} بسبب الاستكبار الباطل والفسوق عن طاعة الله. وقرئ {تَفْسِقُونَ} بالكسر. اهـ. .قال نظام الدين النيسابوري: {حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)}.التفسير: إنما كرر تنزيل الكتاب لأنه بمنزلة عنوان الكتب ثم ذكر ما أنزل فقال: {ما خلقنا} إلى قوله: {وأجل مسمى} وقد مر في أول (الروم) أنه الوقت الذي عينه لإفناء الدنيا. وحين بين الدليل على وجود الإله و وقوع الحشر فرع عليه الردّ على عبدة الأوثان بقوله: {قل أرأيتم} وقد مر في (فاطر). والمراد أنهم لا يستحقون العبادة أصلًا لأنهم ما خلقوا شيئًا في هذا العالم لا في الأرض ولا في السماء. ولم يدل وحي من الله على عبادتهم لأن هذا القرآن ناطق بالتوحيد وإبطال الشرك وما من كتاب قبله إلا هو ناطق بمثل ذلك.فقوله: {ائتوني} من باب إرخاء العنان وتوسيع المجال على الخصم أي إن كنتم في شك مما قلت فقد أمهلتكم حتى تأتوني بعد الاستقرأء {بكتاب} فيه شيء من ذلك {أو أثارة من علم} قال الواحدي: كلام أهل اللغة في تفسير هذا الحرف يدور على ثلاثة أوجه: أحدها البقية من قولهم (سمنت الناقة على إثارة من شحم) أي على بقية شحم كانت بها من شحم ذاهب. والثاني أنه من الأثر بمعن الرواية. والثالث من الأثر بمعنى العلامة والمراد ما بقي أو روي عن أسلافهم ويعدّونه علمًا. عن ابن عباس مرفوعًا أنه الخط. قال: كان نبي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم علمه. ثم زاد في تبكيتهم وتوبيخهم بقوله: {ومن أضل} الآية. وبالجملة فالدليل الأول دل على نفي القدرة عنهم من كل الوجوه. وهذا الدليل دل على نفي العلم عنهم من كل الوجوه. فإذا انتفى العلم والقدرة عن الجسم لم يكن إلا جمادًا وعبادة الجماد محض الضلال.وقوله: {إلى يوم القيامة} تأبيد على عادة العرب. ويحتمل أن يكون توقيتًا بدليل قوله: {وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء} وهذا التبري والتخاطب نوع من الاستجابة. ثم قرر غاية عنادهم بقوله: {وإذا تتلى} ثم عجب من حالهم بقوله: {أم يقولون افتراه} الآية أي إن كذبت على الله كما زعمتم عاجلني بالعقوبة فلا تقدرون على دفع عذابه عني فأي فائدة لي في الافتراء. ثم فوّض أمرهم إلى الله قائلًا {هوأعلم بما تفيضون} أي تتدفعون فيه من القدح في الوحي. وتسميته سحرًا تارة وافتراء أخرى وفي قوله: {وهوالغفور الرحيم} إشارة إلى أنهم لورجعوا إلى الحق وتابوا عن الشرك قبل الله توبتهم. وفيه إشعار بحلم الله عنهم مع عظم ما ارتكبوه. ثم أراد أن يزيل شبهتهم بنوع آخر من البيان فقال: {قل ما كنت بدعًا} هو بمعنى البديع كالخف بمعنى الخفيف أي لست بأول رسول أرسله الله ولا جئتكم بأمر بديع لم يكن إلى مثله سابق. وفيه إن اقتراح الآيات الغريبة فيه غير موجه لأنه لا يتبع إلا الوحي وما هو الا نذير وليس إليه أن يأتي بكل ما يقترح عليه. وفيه أنه غير عالم بالمغيبات إلا بطريق الوحي فلا وجه لاستدعاء الغيوب عنه سواء تتعلق بأحوال الدنيا أوبأحوال الآخرة من الأحكام والتكاليف وما يؤل أمر المكلفين إليه. وفيه أنه لا وجه لتعييره بالفقر وبأكل الطعام والمشي في الأسواق والرسل كلهم أوجلهم كانوا كذلك. قال ابن عباس في رواية الكلبي: لما أشتدّ البلاء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر فقصها على أصحابه فاستبشروا بذلك. ثم إنهم مكثوا برهة من الدهر لا يرون أثر ذلك فقالوا: يا رسول الله ما رأينا الذي قلت ومتى تهاجر؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله الآية.وعنه في رواية أخرى أنه لما نزلت هذه الآية فرح المشركون والمنافقون واليهود وقالوا: كيف نتبع نبيًا لا يدري ما يفعل به ولا بأمته. فأنزل الله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا} [الفتح: 1] إلى قوله: {فوزًا عظيمًا} [الفتح: 5] فبين الله تعالى ما يفعل به وبأمته ونسخت هذه الآية. والأصح عند العلماء أنه لا حاجة إلى التزام النسخ. فإن الدراية المفصلة غير حاصلة. وعلى تقدير حصو لها فإنه لم ينف إلا الدراية من قبل نفسه. وما نفي الدراية من جهة الوحي.وقوله: {ولا بكم} في حيز النفي ولا أدري ما يفعل بكم. و(ما) موصولة أواستفهامية. ومحل الأولى نصب. والثانية رفع.ثم قرر أنه لا أظلم منهم فقال: {قل أرأيتم} الآية. وقد مر نظيره في آخر (حم السجدة) إلا أنه زاد هاهنا حديث الشاهد وفيه أقوال: أحدها أنه عبد الله بن سلام لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة نظر إلى وجهه وتأمله فتحقق أنه النبي المنتظر فآمن به. وعن سعد بن أبي وقاص: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام وفيه نزل {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} على مثل القرآن. والمعنى وهو ما في التوراة من المعاني المطابقة للقرآن من التوحيد والمعاد. وعلى هذا فقوله: {على مثله} يتعلق بشاهد أي ويشهد على صحة القرآن. ويجوز أن يعود الضمير في {مثله} إلى المذكور وهو كونه من عند الله. فيكون الجار متعلقًا بـ: {شهد} قال جار الله: الواوالأخيرة عاطفة {لاستكبرتم} على {شهد} وأما الواو في {وشهد} فقد عطفت جملة قوله: {وشهد} إلى آخِره على جملة قوله: {كان من عند الله وكفرتم به} والمعنى أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به واجتمع شهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله وإيمانه به مع استكباركم عنه. ألستم أضل الناس وأظلمهم؟ يدل على هذا الجواب المحذوف قوله: {إن الله لا يهدي القوم الظالمين} قلت: هذا كلام حسن. ويجوز أن يكون قوله: {واستكبرتم} معطوفًا على قوله: {فآمن}. ويجوز أن يكون الواو في {وشهد} للحال بإضمار (قد). قال: وقد جعل الآيمان في قوله: {فآمن} مسببًا عن الشهادة لأنه لما علم أن مثله أنزل على موسى وأنصف من نفسه اعترف بصحته وامن. القول الثاني ما ذكر الشعبي في جماعة أن السورة مكية وقد أسلم ابن سلام بالمدينة. فالشاهد هو موسى وشهادته هو ما في التوراة من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وإيمانه تصديقه ذلك.القول الثالث أن الشاهد ليس شخصيًا معينًا وتقدير الكلام لوأن رجلًا منصفًا عارفًا بالتوراة أقر بذلك واعترف به ثم امن بمحمد واستكبرتم أنتم. ألم تكونوا ظالمين ضالين؟ والمقصود أنه ثبت بالمعجزات القاهرة أن هذا الكتاب هو من عند الله. وثبت بشهادة الثقات أن التوراة مشتملة على البشارة بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم. ومع ثبوت هذين الأمرين كيف يليق بالعاقل إنكار نبوته؟ ثم ذكر شبهة أخرى لهم وهي أنهم قالوا {للذين آمنوا} أي لأجلهم وفي حقهم {لوكان} ما أتى به محمد {خيرًا ما سبقونا إليه} وقيل: اللام كما في قولك (قلت له). وضعف بأنه لوكان كذلك لقيل ما سبقتمونا إليه. وأجيب بأنه وارد على طريقة الالتفات. أو المراد أن الكفار لما سمعوا أن جماعة آمنوا برسو ل الله صلى الله عليه وسلم خاطبوا جماعة من المؤمنين الحاضرين بأنه لوكان هذا الدين خيرًا لما سبقنا إليه أولئك الغائبون. قال المفسرون: لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع: لوكان ما دخل فيه هؤلاء من الدين خيرًا ما سبقونا إليه. ونحن أرفع منهم حالًا وأكثر مالًا وهؤلاء رعاة الغنم. وقيل: قاله أغنياء قريش للفقراء المؤمنين كعمار وصهيب وابن مسعود. وقيل: هم اليهود قالوه عند إسلام عبد الله بن سلام وأصحابه. والعامل في قوله: {وإذ لم يهتدوا به} محذوف وهو ظهر عنادهم وذلك أن (إذ) للمضي. والسين للاستقبال وبينهما تدافع. والإفك القديم كقولهم أساطير الأولين. وقيل: كذب ككذب عيسى عليه السلام قوله: {ومن قبله كتاب موسى} خبر ومبتدأ وقوله: {إمامًا} أي قدوة يؤتم به في أصو ل شرائع الله. نصب على الحال كقولك (في الدار زيد قائمًا).وقوله: {لسانًا عربيًّا} حال من ضمير الكتاب في {مصدّق} أي لما بين يديه وهو العامل فيه ويجوز أن يكون حالًا من {كتاب} لأنه موصوف والعامل معنى الإشارة. وجوز أن يكون مفعولا {لصدّق} على حذف المضاف أي يصدّق ذا لسان عربي هو الرسول. قوله: {وبشرى} معطوف على محل {لتنذر} لأنه مفعول له. وحين قرر دلائل التوحيد والنبوة وذكر شبه المنكرين مع أجوبتها. أراد أن يذكر طريقة المحقين فقال: {إن الذين قالوا} الآية. وقد مر في (حم السجدة) إلا أنه رفع واسطة الملائكة هاهنا من البين. ثم إن أعظم أنواع الاستقامة كان هو الشفقة على خلق الله ولا سيما على الوالدين فلذلك قال: {ووصينا} الآية. وقد مرّ في (الروم) و(لقمان).والكره بالضم. والفتح المشقة أي ذات كره أوحملًا ذاكره. والفصل والفصال كالفطم والفطام بناء ومعنى. والمقصود بيان مدّة الرضاع. ولما كان منتهيًا بالفصال صح التعبير عن آخر الرضاع بالفصال. والفائدة فيه الدلالة على الرضاع التام المنتهي بالفصال. وقد يستدل من هذه الآية ومن قوله: {والوالدت يرضعن أولادهن حولين كاملين} [البقرة: 233] أن مدة الحمل ستة أشهر. وعن عمر أن امرأة و لدت لستة أشهر فرفعت إليه فأمر برجمها. فأخبر عليًا رضى الله عنه بذلك فمنعه محتجًا بالآية فصدّقه عمر وقال: لولا عليّ لهلك عمر. قال جالينوس: إني كنت شديد الفحص عن مقادير أزمنة الحمل فرأيت امرأة و لدت في المائة والأربع والثمانين ليلة. وزعم أبو علي بن سينا أنه شاهد ذلك. وذكر أهل التجارب قاعدة كلية قالوا: إن لتكوّن الجنين زمانًا مقدّرًا. فإذا تضاعف ذلك الزمان تحرك الجنين. ثم إذا انضاف إلى المجموع مثلاه انفصل الجنين. وعلى هذا فلوتمت خلقة الجنين في ثلاثين يومًا فإذا أتى عليه مثل ذلك أي تصير مدة علوقه ستين تحرك. فإذا انضاف إلى هذا المقدار مثلاه وهو مائة وعشرون وصار المبلغ مائة وثمانين انفصل. ولوتمت خلقته في خمسة وثلاثين يومًا تحرك في سبعين وانفصل في مائتين وعشرة وهو سبعة أشهر. ولوتمت خلقته في أربعين تحرك في ثمانين وانفصل في مائتين وأربعين وهو ثمانية أشهر. وقلما يعيش هذا المولود إلا في بلاد معينة مثل مصر. وقد مرّ هذا المعنى في هذا الكتاب. ولوتمت في خمسة وأربعين تحرك في تسعين وأنفصل في مائتين وسبعين وهي تسعة أشهر وهو الأكثر. أما أكثر مدّة الحمل فليس يعرف له دليل من القرآن. وذكر أبو علي بن سينا في كتاب الحيوان من الشفاء في الفصل السادس من المقالة التاسعة. أن امرأة و لدت بعد الرابع من سني الحمل و لدًا قد نبتت أسنانه وعاش. وعن أرسطا طاليس أن زمان الولادة لكل الحيوان مضبوط سوى الإنسان. هذا وقد روى الواحدي في البسيط عن عكرمة أنه قال: إذا حملت تسعة أشهر أرضعته أحدًا وعشرين شهرًا. وعلى هذا قوله: {حتى إذا بلغ أشدّه} أكثر المفسرين كما مر في آخر (الأنعام) وأول (يوسف) و(القصص). على أن وقت الأشد هو زمان الوصو ل إلى آخر سن النشوء والنماء وهو ثلاث وثلاثون سنة تقريبًا. وإن في الأربعين يتم الشباب وتأخذ القوى الطبيعية والحيوانية في الأنتفاص. والقوّة العقلية والنطقية في الاستكمال. وهذا أحد ما يدل على أن النفس غير البدن ومن جملة الكمال أنه حينئذ يقول: {رب أوزعني} أي ألهمني و وفقني كما مر في (النمل).قال علماء المعاني: قوله: {في ذرّيتي} كقوله:فكأنه سأل أن يجعل ذرّيته موقعًا للصلاح ومظنة له.
|