الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وأخرج ابن أبي حاتم، عن السدي في قوله: {في جو السماء} قال: جوف السماء {ما يمسكهن إلا الله} قال: يمسكه الله على كل ذلك والله أعلم بالصواب. اهـ.بحوث مهمة ذكرها صاحب الأمثل:1- أسرار تحليق الطيور في السماء:إننا لا نشعر بأهمية الكثير من عجائب عالم الوجود لاعتيادنا على كثرة مشاهدتها ولعدم انشغالنا بالتدقيق العلمي عند المشاهدة، حتى باتت هذه العادة كحجاب يغطي تلك العظمة، ولو استطاع أي منا رفع ذلك الحجاب عن ذهنه لرأى العجائب الكثيرة من حوله.وتحليق الطيور في السماء لا تبتعد عن هذه الحقيقة، فحركة جسم ثقيل بخلاف قانون الجاذبية من دون أية صعوبة، وارتفاعه بسرعة حتى ليغيب عن أعيننا في لحظات لأمر يدعو إلى التأمل والدراسة.ولو دققنا النظر في بناء جسم الطائر لوجدنا ذلك الترابط الدقيق بين كل صفاته وحالاته التي تساعده على الطيران، فهيكله العام مدبب ليقلل من مقاومة الهواء على بدنه لأقصى حد ممكن، وريشه خفيف مجوف، وصدره مسطح يمكنه من ركوب أمواج الهواء، وطبيعة أجنحته الخاصة تمنحة القوة الرافعة التي تساعده على الإرتفاع، وكذلك الطبيعة الخاصة لذيل الطائر التي تعينه على تغيير اتجاه طيرانه وسرعة التحول يمينا وشمالا وأعلى وأسفل {كذيل الطائرة}، وذلك التناسق الموجود بين النظر وبقية الحواس التي تشترك جميعا في عملية الطيران.، وكل ذلك يعطي للطائر إمكانية الطيران السريع.ثم إن طريقة تناسل الطير {وضع البيض}، وعملية تربية الجنين ونموه تجري خارج رحم الأم مما يرفع عنها حالة الحمل والتي تعيق {بلا شك} عملية الطيران.، وثمة أمور كثيرة تعتبر من العوامل المؤثرة فيزيائيا في عملية الطيران.وكل ما ذكر يكشف عن وجود علم وقدرة فائقين لخالق ومنظم بناء وحركة هذه الكائنات الحية، وكما يقول القرآن: {إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون}.إن عجائب الطيور لأكثر من أن تسطر في كتاب أو عدة كتب، فهناك مثلا الطيور المهاجرة وما يكتنف رحلاتها من عجائب، وحياة هذه الطيور مبنية على التنقل بين أرجاء المعمورة المختلفة حتى أنها لتقطع المسافة ما بين القطبين الشمالي والجنوبي على طولها، وتعتمد في تعيين اتجاهات رحلاتها على إشارات رمزية تمكنها من عبور الجبال والأودية والبحار، ولا يعيق تحركها رداءة الجو أو حلكة الظلام في الليالي التي يتيه فيها حتى الإنسان وبما يملك.ومن غريب ما يحدث في رحلاتها أنها: قد تنام أحيانا بين عباب السماء، وعموما، ينبغي القول: ما بناء الطائرات إلا تقليد لأجسام الطيور في جوانب مختلفة!وهي طائرة! وقد تستغرق بعض رحلاتها عدة أسابيع دون توقف ليل نهار وبدون أن يتخلل تلك المدة أية فترة لتناول الطعام! حيث أنها تناولت الطعام الكافي قبل بدءها حركة الرحيل {بإلهام داخلي} ويتحول ذلك الطعام إلى دهون تدخرها في أطراف بدنها!وثمة أسرار كثيرة تتعلق في: بناء الطير لعشه، تربية أفراخه، كيفية التحصن من الأعداء، كيفية تحصيل الغذاء اللازم، تعاون الطيور فيما بينها بل ومع غير جنسها أيضا.. إلخ، ولكل مما ذكر قصة طويلة.نعم، وكما تقول الآية المباركة: {إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون}. اهـ.
.فوائد لغوية وإعرابية: قال السمين:{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}.قوله تعالى: {أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} أي: أو أَمْرٌ، فالضميرُ للأمر، والتقدير: أو أمرُ الساعةِ أقربُ من لَمْحِ البصر.{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}.قوله تعالى: {لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} الجملةُ حالٌ مِنْ مفعول {أَخْرجكم}، أي: أخرجكم غيرَ عالِمين، و{شيئًا} إمَّا مصدرٌ، أي: شيئًا من العلم، وإمَّا مفعولٌ به، والعِلْمُ هنا العِرْفان، وقد تقدَّم الكلامُ في {أمَّهاتكم} في النساء.قوله: {وَجَعَلَ} يجوز أن يكونَ معطوفًا على {أَخْرجكم} فيكونَ داخلًا فيما أَخْبر به عن المبتدأ، ويجوز أن يكونَ مستأنفًا.والأَفْئِدَةُ: جمعُ فؤاد وقد تقدَّم، وقال الرازي: إنما جُمِعَ جَمْعَ قِلَّة؛ لأنَّ أكثرَ الناسِ مشغولون بأفعالٍ بهيمية فكأنهم لا فؤادَ لهم، وقال الزمخشري: إنه من الجموع التي استُعْمِلت للقلة والكثرة، ولم يُسمع فيها غيرُ القلة، نحو: شُسُوع فإنها للكثرة، ويستعمل في القِلة، ولم يُسْمَع غيرُ شُسُوع. كذا قال، وفيه نظر. سُمِع منهم أَشْسَاع فكان ينبغي أن يقول: غَلَبَ شُسُوع.{أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)}. قوله تعالى: {مَا يُمْسِكُهُنَّ} يجوز أن تكون الجملةُ حالًا من الضمير المستتر في {مُسَخَّراتٍ}، ويجوز ان تكونَ من {الطير}، ويجوز أن تكونَ مستأنفةً. اهـ..تفسير الآيات (80- 83): قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83)}.مناسبة الآيات لما قبلها: قال البقاعي:ولما ذكرهم سبحانه بنعمة الإدراك بعد ابتداء الخلق، وأتبعه ما منّ به على الطير من الارتفاع الحامي لها من الحر، أتبعه ما يسكنون إليه فيظلهم ويجمعهم لأنه أهم الأشياء للحيوان، فقال تعالى: {والله} أي الذي له الحكمة البالغة والقدرة الشاملة {جعل لكم} أي أيها الغافلون {من بيوتكم} أصل البيت المأوى ليلًا ثم اتسع فيه {سكنًا} هو مصدر بمعنى مفعول، ولم يسلط عليكم فيها الحشرات والوحوش كما سلطكم عليهم؛ ثم أتبع ما يخص الحضر ما يصلح له وللسفر بما ميزهم به عن الطير وغيرها من سائر الحيوانات، فقال تعالى: {وجعل لكم} أي إنعامًا عليكم {من جلود الأنعام} التي سلطكم عليها.ولما كانت الخيام، التي من جلود الأنعام، في ظلها الظليل تقارب بيوت القرى، جمعها جمعًا فقال تعالى: {بيوتًا} فإنهم قالوا: إن هذا الجمع بالمسكن أخص، والأبيات بالشعر أخص {تستخفونها} أي تطالبون بالاصطناع خفها فتجدونها كذلك {يوم ظعنكم} أي وقت ارتحالكم، وعبر به لأنه في النهار أكثر {ويوم إقامتكم} ثم أتبعه ما به كمال السكن فقال تعالى: {ومن أصوافها} أي الضأن منها {وأوبارها} وهي للإبل كالصوف للغنم {وأشعارها} وهي ما كان من المعز ونحوه من المساكن والملابس والمفارش والأخبية وغيرها {أثاثًا} أي متاعًا من متاع البيت كثيرًا، من قولهم: شهر أثيث أي كثير، وأث النبت.إذا كثر {ومتاعًا} تتمتعون به {إلى حين} أي وقت غير معين بحسب كل إنسان في فقد ذلك، وأعرض عن ذكر الحرير والكتان والقطن لأنها لم تكن من صناعتهم، وإشارة إلى الاقتصاد وعدم الإسراف.ولما ذكر ما يخصهم، أتبعه ما يشاركون فيه سائر الحيوانات فقال: {والله} أي الذي له الجلال والإكرام {جعل لكم} أي من غير حاجة منه سبحانه {مما خلق ظلالًا} من الأشجار والجبال وغيرها {وجعل لكم} أي مع غناه المطلق {من الجبال أكنانًا} جمع كن وهو ما يستكن به- أي يستتر- من الكهوف ونحوها، ولو كان الخالق غير مختار لكانت على سنن واحد لا ظلال ولا أكنان؛ ثم أتبع ذلك ما هداهم إليه عوضًا مما جعله لسائر الحيوان فقال: {وجعل لكم} أي مَنًّا منه عليكم {سرابيل} أي ثيابًا {تقيكم الحر} وهي كل ما لبس من قميص وغيره- كما قال الزجاج.ولما كانت السرابيل نوعًا واحدًا، لم يكرر {جعل} فقال تعالى: {وسرابيل} أي دروعًا ومغافر وغيرها {تقيكم بأسكم} أضافه إليهم إفهامًا لأنه الحرب، وذلك كما جعل لبقية الحيوان- من الأصواف ونحوها والأنياب والأظفار ونحوها- ما هو نحو ذلك يمنع من الحر والبرد، ومن سلاح العدو، ولم يذكر سبحانه هنا وقاية البرد لتقدمها في قوله تعالى: {لكم فيها دفء} [النحل: 5].ولما تم ذلك كان كأنه قيل: نبهنا سبحانه بهذا الكلام على تمام نعمة الإيجاد، فهل بعدها من نعمة؟ فقال: نعم! {كذلك} أي كما أتم نعمة الإيجاد عليكم هذا الإتمام العظيم بهذه الأمور ونبهكم عليها {يتم نعمته عليكم} في الدنيا والدين بالهداية والبيان لطريق النجاة والمنافع، والتنبيه على دقائق ذلك بعد جلائله {لعلكم تسلمون} أي ليكون حالكم- بما ترون من كثرة إحسانه بما لا يقدر عليه غيره مع وضوح الأمر- حال من يرجى منه إسلام قياده لربه، فلا يسكن ولا يتحرك إلا في طاعته.فلما صار هذا البيان، إلى أجلى من العيان، كان ربما وقع في الوهم أنهم إن لم يجيبوا لِحقَ الداعي بسبب إعراضهم حرج، فقال تعالى نافيًا لذلك معرضًا عنهم بإعراض المغضب، مقبلًا عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إقبال المسلي، معبرًا بصيغة التفعل المفهمة لأن الفطر الأولى داعية إلى الإقبال على الله فلا يعرض صاحبها عما يرضيه سبحانه إلا بنوع معالجة: {فإن تولوا} أي كلفوا أنفسهم الإعراض ومتابعة الأهواء فلا تقصير عليك بسبب توليهم ولا حرج {فإنما} أي بسبب أنه إنما {عليك البلاغ المبين} وليس عليك أن تردهم عن العناد، فكأنه قيل: فهل كان إعراضهم عن جهل أو عناد؟ فقيل فيهم وفيهم: {يعرفون} أي كلهم {نعمت الله} أي الملك الأعظم، التي تقدم عد بعضها في هذه السورة وغيرها {ثم ينكرونها} بعبادتهم غير المنعم بها أو بتكذيب الآتي بالتنبيه عليها، بعضهم لضعف معرفته، وبعضهم عنادًا، وكان بعضهم يقول: هي من الله ولكن بشفاعة آلهتنا {وأكثرهم} أي المدعوين بالنسبة إلى جميع أهل الأرض الذين أدركتهم دعوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم {الكافرون} أي المعاندون الراسخون في الكفر. اهـ..من أقوال المفسرين: .قال الفخر: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا}.اعلم أن هذا نوع آخر من دلائل التوحيد، وأقسام النعم والفضل، والسكن المسكن، وأنشد الفراء:والسكن ما سكنت إليه وما سكنت فيه.قال صاحب الكشاف: السكن فعل بمعنى مفعول، وهو ما يسكن إليه وينقطع إليه من بيت أو ألف.واعلم أن البيوت التي يسكن الإنسان فيها على قسمين:القسم الأول: البيوت المتخذة من الخشب والطين والآلات التي بها يمكن تسقيف البيوت، وإليها الإشارة بقوله: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا} وهذا القسم من البيوت لا يمكن نقله، بل الإنسان ينتقل إليه.والقسم الثاني: القباب والخيام والفساطيط، وإليها الإشارة بقوله: {وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتًا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} وهذا القسم من البيوت يمكن نقله وتحويله من مكان إلى مكان.واعلم أن المراد الأنطاع، وقد تعمل العرب البيوت من الأدم وهي جلود الأنعام أي يخف عليكم حملها في أسفاركم.قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: {يوم ظعنكم} بفتح العين والباقون ساكنة العين.قال الواحدي: وهما لغتان كالشعر والشعر والنهر والنهر.واعلم أن الظعن سير البادية لنجعة، أو حضور ماء، أو طلب مرتع، وقد يقال لكل شاخص لسفر: ظاعن، وهو ضد الخافض.وقوله: {ويوم إقامتكم} بمعنى لا يثقل عليكم في الحالين.وقوله: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها} قال المفسرون وأهل اللغة: الأصواف للضأن والأوبار للإبل والأشعار للمعز.وقوله: {أثاثًا} الأثاث أنواع متاع البيت من الفرش والأكسية.قال الفراء: ولا واحد له، كما أن المتاع لا واحد له.قال: ولو جمعت، فقلت: آثثة في القليل وأثث في الكثير لم يبعد.وقال أبو زيد: واحدها أثاثة.قال ابن عباس في قوله: {أثاثًا} يريد طنافس وبسطًا وثيابًا وكسوة.قال الخليل: وأصله من قولهم: أث النبات والشعر إذا كثر.وقوله: {متاعًا} أي ما يتمتعون به.وقوله: {إلى حين} يريد إلى حين البلا، وقيل: إلى حين الموت.وقيل: إلى حين بعد الحين، وقيل: إلى يوم القيامة.فإن قيل: عطف المتاع على الأثاث والعطف يقتضي المغايرة، وما الفرق بين الأثاث والمتاع؟قلنا: الأقرب أن الأثاث ما يكتسي به المرء ويستعمله في الغطاء والوطاء، والمتاع ما يفرش في المنازل ويزين به.{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا}.اعلم أن الإنسان إما أن يكون مقيمًا أو مسافرًا، والمسافر إما أن يكون غنيًا يمكنه استصحاب الخيام والفساطيط، أو لا يمكنه ذلك فهذه أقسام ثلاثة:أما القسم الأول: فإليه الإشارة بقوله: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا}.وأما القسم الثاني: فإليه الإشارة بقوله: {وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتًا}.وأما القسم الثالث: فإليه الإشارة بقوله: {والله جعل لكم مما خلق ظلالًا} وذلك لأن المسافر إذا لم يكن له خيمة يستظل بها فإنه لابد وأن يستظل بشيء آخر كالجدران والأشجار وقد يستظل بالغمام كما قال: {وظللنا عليكم الغمام} [البقرة: 57].ثم قال: {وجعل لكم من الجبال أكنانًا} واحد الأكنان كن على قياس أحمال وحمل، ولكن المراد كل شيء وقى شيئًا، ويقال استكن وأكن إذا صار في كن.واعلم أن بلاد العرب شديدة الحر، وحاجتهم إلى الظل ودفع الحر شديدة، فلهذا السبب ذكر الله تعالى هذه المعاني في معرض النعمة العظيمة، وأيضًا البلاد المعتدلة والأوقات المعتدلة نادرة جدًا والغالب إما غلبة الحر أو غلبة البرد.وعلى كل التقديرات فلابد للإنسان من مسكن يأوي إليه، فكان الإنعام بتحصيله عظيمًا، ولما ذكر تعالى أمر المسكن ذكر بعده أمر الملبوس فقال: {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم} السرابيل القمص واحدها سربال، قال الزجاج: كل ما لبسته فهو سربال من قميص أو درع أو جوشن أو غيره، والذي يدل على صحة هذا القول أنه جعل السرابيل على قسمين: أحدهما: ما يكون واقيًا من الحر والبرد.
|