الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإمام في بيان أدلة الأحكام
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [الفاتحة: 6]. {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] أَيْ عَلَى طَرِيْقَتِهِ. {وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [يونس: 89]. {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55]. {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان: 15]. {صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 53]. {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]. التَّعْبِيْرُ بِالشَّيْءِ عَنْ ضِدِّهِ تَهَكُّمًا: {إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود: 87]. {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49]. {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: 6]. {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27]. {قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ} [النساء: 157]. التَّحْمِيْلُ وَالتَّحَمُّلُ وَيُعَبَّرُ بِالتَّحْمِيْلِ عَنِ التَّكْلِيْفِ وَبِالتَّحَمُّلِ عَنِ الْقُبُوْلِ وَالِالْتِزَامِ: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} [الجمعة: 5] أَيْ حُمِّلُوْا أَحْكَامَ التَّوْرَاةِ: {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} [الجمعة: 5] أَيْ لَمْ يَلْتَزِمُوْهَا. {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ} [النور: 54]. الْمَرَضُ وَالشِّفَاءُ وَيُعَبَّرُ بِالْمَرَضِ عَنْ سُوْءِ الِاعْتِقَادِ وَبِالشِّفَاءِ عَنِ الِاهْتِدَاءِ: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [الْبَقَرَة: 10]. {قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ} [يُونُس: 57]. الِابْتِلَاءُ وَالِاخْتِبَارُ وَيُعَبَّرُ بِهِ عَنْ آثَارِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطَّارِق: 9]. {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ} [يُونُس: 30] أَيْ تَعْلَمُ كَقَوْلِهِ: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ} [التكوير: 14]. {ونَبْلُو أَخْبَارَكُمْ} [مُحَمَّد: 31] أَيْ نَعْلَمُهَا. وَيُعَبَّرُ بِالِابْتِلَاءِ وَالْفِتْنَةِ عَنْ كُلِّ فِعْلٍ تَصَوَّرَ بِصُوْرِتِهِمَا مِنَ الْمُعَامَلَةِ بِالنِّعَمِ وَالنِّقَمِ: {وبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ والسَّيِّئَاتِ} [الْأَعْرَاف: 168]. {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [الْقَلَم: 17]. {لِيَبْلُوكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الْمِلْك: 2]. {وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ} [المؤمِنْون: 30]. {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً} [الْأَنْفَال: 17]. وَقَوْلُهُ: {وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} [الْبَقَرَة: 49] يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ «وَكُلَّ بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبْلَانَا» الْعُثُوْرُ وَيُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الظَّنِّ وَالْعِرْفَانِ: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً} [الْمَائِدَة: 107]. وَيُعَبَّرُ بِالرَّبْطِ وَالْخَتْمِ عَنِ الصَّبْرِ: {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} [الْكَهْف: 14]. {لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا} [الْقَصَص: 10]. {فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} [الشُّورَى: 24] أَيْ يُصَبِّرْكَ وَيُعَبَّرُ بِالشَّهْوَةِ وَالْهَوَى عَنِ الْمَهْوِيِّ وَالْمُشْتَهَى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} [آل عِمْرَان: 14]. {مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الْفُرْقَان: 43]. {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: 40] أَيْ عَنِ الْمَهْوِيِّ فَإِنَّ الْمَيْلَ الطَّبِيْعِيَّ لَا يُمْكِنُ الِانْتِهَاءُ عَنْهُ بَلْ يُنْهَى عَنِ اتِّبَاعِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص: 26]. الذَّوْقُ إِدْرَاكُ الْمَطْعُوْمِ وَيُعَبَّرُ بِهِ عَنْ وِجْدَانِ الْآلَامِ: {فَذُوقُواْ الْعَذَابَ} [آل عِمْرَان: 106]. {فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} [التَّوْبَة: 35] أَيْ جَزَاءَهُ. {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ} [الزُّمَر: 26]. {فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ والْخَوْفِ} [النَّحْل: 112]. وَيُعَبَّرُ بِالْكَبِيْرِ وَالْعَظِيْمِ وَالْغَلِيْظِ عَنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ: {عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هُود: 3]. {عَذَابٌ عظِيمٌ} [الْبَقَرَة: 7]. {عَذَابٍ غَلِيظٍ} [هُود: 58]. وَيُعَبَّرُ بِالْعَرِيْضِ عَنِ الْكَثِيْرِ: {فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ} [فُصِّلَت: 51]. وَيُعَبَّرُ بِالْإِرَادَةِ عَنِ الْأَمْرِ لِلُزُوْمِهَا لَهُ غَالِبًا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} [الذَّارِيَات: 56- 57]. أَيْ لَأَمْرِهِمْ بِعَبَادَتِيْ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: {وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [الأَنَفال: 67] أَيْ يُرِيْدُ سَعْيَ الْآخِرَةِ بِمَعْنَى فَأَمَرَهُمْ بسَعْيِ الْآخِرَةِ فَحُذِفَ السَّعْيُ وَعُبِّرَ بِالْإِرَادَةِ عَنِ الْأَمْرِ. وَقَدْ يُعَبَّرُ بِالْإِرَادَةِ عَنِ الْمقَارَبَةِ: {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ} [الْكَهْف: 77] أَيْ قَارَبَ الِانْقِضَاضَ. وَيُعَبَّرُ بِالدُّخُوْلِ وَالْخُرُوْجِ عَنْ تَبَدُّلِ الْأَوْصَافِ وَالتَّنَقُّلِ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا: {يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ} [الْبَقَرَة: 257]. {يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [الْبَقَرَة: 257]. {يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً} [النَّصْر: 2]. وَيُعَبَّر بِالسَّمَاءِ عَنِ الْمَطَرِ: {يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً} [هُود: 52]. وَبِالْحَنْفِ عَنِ الِانْتِقَالِ مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْمَعْرِفَةِ: {حَنِيفاً مُّسْلِماً} [آل عِمْرَان: 67] أَيْ عَارِفًا بِاللهِ مَائِلًا إِلَيْهِ بَعْدَ الْجَهْلِ بِهِ. وَيُعَبَّرُ بِـ " عَضِّ الْيَدِ " وَ" تَقْلِيْبِ الْكَفِّ " عَنِ النَّدَمِ: {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ} [الْكَهْف: 42]. {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [الْفُرْقَان: 27]. وَيُعَبَّر بِالْمُجَالَسَةِ وَالْمُصَاحَبَةِ عَنْ آثَارِهِمَا مِنَ الْإِحْسَانِ وَالرِّفْقِ «أَنَا جَلِيْسُ مَنْ ذَكَرَنِيْ». «اللُهُمَّ اصْحَبْنَا فِيْ سَفَرِنَا». «اللُهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ». «رَبِّنَا صَاحِبْنَا فِي سَفَرِنَا فَأَفْضِلْ عَلَيْنَا». وَيُعَبَّر بِالسُّقُوْطِ عَنْ مُلَابَسَةِ مَا لَا يَنْبَغِيْ: {أَلَاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التَّوْبَة: 49]. وَيُتَجَوَّزُ بِـ " عَلَى " عَنِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ كَشَيْءٍ اعْتَلَى فَتَقُوْلُ: عَلَيَّ دَيْنٌ وَصَلَاةٌ وَزَكَاةٌ وَصَوْمٌ وَحَجٌّ وَعُمْرَةٌ وَشَهَادَةٌ. وَتُسْتَعْمَل مِنْ وَعْنْ فِي التَّعْلِيْلِ تَجَوُّزًا لِأَنَّ ابْتِدَاءَ صُدُوْرِ الْمَعْلُوْلِ مِنْ عِلَّتِهِ وَعْنْ عِلَّتِهِ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25]. {وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ} [يونس: 61] أَيْ لِأَجْلِهِ. {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ} [هود: 53]. {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3]. {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: 9]. {رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ} [المائدة: 119] مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى عَفَا وَتَجَاوَزَ فَذَلِكَ عُدِِّىَ بِـ " عَنْ " الَّتِيْ لِلْمُجَاوَزَةِ وَلَمَّا كَانَ مُتَعَلَّقُ الْأَوْصَافِ المُتَعَلِّقَةِ بِمَثَابَةِ الْمَكَانِ وَالْمَحَلِّ لِتَعَلُّقِ المُتَعَلِّقِ اسْتُعْمِلَتْ فِي ذَلِكَ أَدَاةُ الظَّرْفِيَّةِ وَهِيَ فِيْ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الْحَج: 78] أَيْ فِيْ طَاعَةِ اللهِ جُعِلَتِ الطَّاعَةُ كَالْمَحَلِّ لِلْجِهَادِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُكُ رَغِبْتُ فِيْ زَيْدٍ وَرَغِبْتُ فِي الْعِلْمِ" كَأَنَّكَ جَعَلْتَهُ مَحَلًّا لِرَغْبَتِكَ دُوْنَ مَا عَدَاهُ وَكَذَلِكَ الْمَوَدَّةُ فِيْ قَوْلِهِ: {إِلَّا الْمَودَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشُّورَى: 23] جُعِلَ الْقُرْبَى مَحَلًّا لِلْمَوَدَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهَا مُتَعَلَّقُ الْمَوَدَّةِ. وَلِذَلِكَ صَحَّ أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي السَّبَبِيَّةِ فِيْ قَوْلِهِ: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النُّوْر: 14] لِلتَّعَلُّقِ الَّذِيْ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وهُو اللّهُ فِي السَّمَاواتِ وفِي الأَرْضِ} [الأَنَعام: 3] لَمَّا تَعَلَّقَتْ قُدْرَتُهُ وَإِرَادَتُهُ وَعِلْمُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ بِهِمَا وَصَارَتَا مَحَلًّا لِذَلِكَ التَّعَلُّقِ صَحَّ التَّعْبِيْرُ بِـ" فِيْ" لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَالْبَاءُ تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِلْصَاقِ الْمَعْنَوِيِّ وَالْحَقِيْقِيِّ. فَالْمَعْنَوِيُّ كَالتَّعَلُّقِ الَّذِيْ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ فَإِنَّ الْمُسَبَّبَ مُلْصَقٌ بِسَبَبِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَكَذَلِكَ قَوْلُكَ: اسْتَعَنْتُ بِاللهِ لِتَعَلُّقِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ وَابْتَدَأْتُ بِذِكْرِ اللهِ. وَأَنْوَاعُ الْمَجَازِ كَثِيْرَةٌ فِي الْحُرُوْفِ وَالظُّرُوْفِ وَالْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ. وَالتَّعْبِيْرُ عَنِ الْمَاضِيْ بِالْمُسْتَقْبِلْ وَعَكْسُهُ وَعَنِ الْخَبَرِ بِالْأَمْرِ وَعَكْسُهُ وَالنَّظَرُ فِيْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ عَلَى حِيَالِهِ وَبَيَانُ الْعَلَاقَةِ الَّتِيْ بَيْنَ مَحَلِّ التَّجَوُّزِ وَمَحَلِّ الْحَقِيْقَةِ عَلَى التَّفْصِيْلِ مِمَّا يَطُوْلُ ذِكْرُهُ. .الْفَصْلُ الْعَاشِرُ: فِيْ كَيْفِيَّةِ اسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ مِنْ أَدِلَّتِهَا: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ مُدِحَ أَوْ مُدِحَ فَاعِلُهُ لِأَجْلِه أَوْ وُعِدَ عَلَيْهِِ بِخَيْرٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ فَهُوَ مَأْمُوْرٌ بِهِ لَكِنَّهُ مُرَدَّدٌ بَيْن النَّدْبِ وَالْإِيجَابِ.وَكُلُّ فِعْلٍ ذُمَّ أَوْ ذُمَّ فَاعِلُهُ لِأَجْلِهِ أَوْ وُعِدَ عَلَيْهِِ بِشَرٍّ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ وَكُلُّ فِعْلٍ ذُمَّ تَرْكُهُ أَوْ ذُمَّ تَارِكُهُ لِأَجْلِ تَرْكِه أَوْ وُعِدَ عَلَى تَرْكِهِ بِشَرٍّ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ فَهُوَ وَاجِبٌ. وَقَدْ يَقَعُ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يَدُلّ عَلَى التَّكْلِيْفِ إِجْمَالًا كَالتَّبْشِيْر والْإِنْذَار إِذَا لَم يُعَلَّقَا بِفِعْلٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً} [البقرة: 119]. وَكَقَوْلِهِ فِي الْقُرْآنِ: {بَشِيراً وَنَذِيراً} [سبأ: 28]. وَكَقَوْلِهِ: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: 7] فَالْبَشَارَةُ تَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِيْنِ مَأْمُوْرٍ بِهِ وَالنَّذَارَةُ تَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِيْنِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ. وَمِنَ الْأَدِلَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِنَوْعٍ مِنَ الْفِعْلِ أَوِ النَّهْيِ عَنْ نَوْعٍ مِنَ الْفِعْلِ وَمِنْهَا مَا تَنْتَظِمُ المَأْمُوْراتِ بِأَسْرِهَا والْمَنْهِيَّاتِ بِأَسْرِهَا ومِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَمِيعِ. وَهَذِه الدِّلَالَاتُ تَارَةً تَكُونُ بِالصِّيْغَةِ وَتَارَةً تَكُونُ بِاللُّزُوْمِ كمَا تَقَدَّمَ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] عَامٌّ لِجَمِيْعِ التَّكَالِيْفِ الْمُؤَكَّدَةِ عَلَى قَوْلٍ وَلِجَمِيْع عُقُوْدِ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى الْقَوْلِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المَائدة: 2] عَامٌّ لِلتَّعَاوُنِ عَلَى كُلِّ بِرٍّ وَتَقْوَى وَعَامٌّ لِلنَّهْيِ عَنِ التَّعَاوُنِ عَلَى كُلِّ إِثْمٍ وَعُدْوَانٍ. وَمِنْهُ قَوْلُه: {أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المَائدة: 1] عَامٌّ لِجَمِيْعِ النَّعَمِ. وَقَوْلُهُ: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المَائدة: 4] عَامٌّ فِيْ جَمِيْعِ الْمُسْتَلَذَّاتِ إِلَّا مَا اسْتَثْنِيَ وَلَا يَجُوْزُ حَمْلُ الطَّيِّبَاتِ هُنَا عَلَى الْحَلَالِ إِذْ لَا جَوَابَ فِيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ يَسْأَلُوْنَكَ مَاذَا أُحِلَّ لُهَمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الْحَلَالُ. وَقَوْلُهُ: {بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67] عَامٌّ فِيْ كُلِّ جُمْلَةٍ. وَقَوْلُهُ: {اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ} [الأعراف: 3] عَامٌّ فِيْ اتِّبَاعِ جَمِيْعِ الْمُنَزَّلِ الْمُمْكِنِ اتِّبَاعُهُ. وَقَوْلُهُ: {وذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وبَاطِنَهُ} [الأنعام: 120] عَامٌّ فِيْ جَمِيْعِ الْإِثْمِ بِتَرْكِ كُلِّ وَاجِبٍ وَارْتِكَابِ كُلِّ مَنْهِيٍّ مُحَرَّمٍ مِنْهُ. وَمِنْهُ: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ} [الأعراف: 33] الْآيَةُ. وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] االْآيَةُ فَهَذِهِ أَمْثِلَةُ مَا يَعُمُّ بِجِهَةِ صِيْغَتِهِ وَأَمَّا مَا يَعُمُّ بِدِلَالَةِ اللُّزُوْمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: 7- 8] أَيْ بِرَّ جَزَائِهِ وَذَلِكَ عَامٌّ فِيْ جَمِيْعِ الْخُيُوْرِ وَالشُّرُوْرِ. وَقَوْلُهُ: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92- 93] عَامٌّ فِيْ كُلِّ عَمَلٍ تَعَلَّقَ بِهِ التَّكْلِيْفُ. وَقَوْلُهُ: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [غافر: 17]. {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ} [آل عمران: 30] الْآيَةُ. {يُنَبَّأُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وأَخَّرَ} [القيامة: 13]. {فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة: 105]. {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً ولَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} [الكهف: 49]. {وكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء: 13] الْآيَةُ. {وكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [يس: 12]. {وكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ} [القمر: 52]. {وكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً} [النبأ: 29]. {ونَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] الْآيَةُ. {ومَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30]. {ومَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ} [النساء: 79]. {ولاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس: 61]. {واللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحجرات: 18]. {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً} [فاطر: 45]. {ولاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} [إبراهيم: 42]. وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ كَثِيْرَةٌ. |