الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآية رقم (221): {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}.شرح الكلمات: {ولا تَنْكِحُوا}: لا تتزوجوا.{الأمة}: خلاف الحرة.{ولو أعجبتكم}: أي أعجبكم حسنها وجمالها.{يدعون إلى النار}: بحاله ومقالهم وأفعالهم.{آياته}: أحكام دينه ومسائل شرعه..معنى الآية الكريمة: ينهى الله تعالى المؤمنين أن يتزوجوا المشركات إلا أن يؤمنّ بالله ورسوله، فإن آمنّ جاز نكاحهن، وأعلمهم منفراً من نكاح المشركات مرغباً في نكاح المؤمنات فقال: ولأمة مؤمنة فضلا عن حرة خير من حرة مشركة، حتى يؤمنوا فإن آمنوا جاز لهم أن ينكحوهم بناتهم ونساءهم فقال تعالى: {ولا تنحوا المشركين حتى يؤمنوا} وقال منفراً مرغباً ولعبد مؤمن خير من حرٍ مشرك ولو أعجبهم المشرك لشرفه أو ماله أو سلطانه، علل لذلك بقوله. أولئك أي المشركات والمشركون يدعون إلى النار فمخالطتهم مضرة ومفسدة لاسيما بالتزوج منهم، والله عز وجل يدعوا إلى الجنة بالإيمان والعمل الصالح، وإلى المغفرة بالتوبة الصادقة فاستجيبوا له وأطيعوه فيما أمركم به ونهاكم عنه. كما أنه تعالى يبيّن آياته للناس ليعدهم إلى سخطه والنار..من هداية الآية: 1- حرمة نكاح المشركات، أما الكتابيات فقد أباحهن الله تعالى بآيات المائدة إذ قال: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم}- حرمة نكاح المؤمنة الكافرة مطلقاً مشركاً كان أو كتابياً.3- شرط الولاية في نكاح المرأة لقوله تعالى: {ولا تنكحوا المشركين} فهو هنا يخاطب أولياء النساء المؤمنات، ولذا لا يصح نكاح إلى بولي.4- التنفير من مخالطة المشركين والترغيب في البعد عنهم لأنهم يدعون إلى الكفر بحالهم ومقالهم وأعمالهم، وبذلك هم يدعون إلى النار.5- وجوب موالاة أهل الإِيمان ومعاداة أهل الكفر والضلال لأن الأولين يدعون إلى الجنة والآخرين يدعون إلى النار..تفسير الآيات (222- 223): {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}.شرح الكلمات: {المحيض}: مكان الحيض وزمنه والحيض دم يخرج من رحم المرأة إذا خلا من الجنين.{أذًى}: ضرر يضر المجامع في أيامه.{فاعترلوا النساء في المحيض}: اتركوا جماعهن أيام الحيض.{ولا تقربوهن حتى يطهرن}: أي لا تجامعوهن حتى ينقطع دم الحيض.{فإذا تطهرن}: أي إذا انقطع دم حيضهن واغتسلن منه.{فأتوهن من حيث أمركم الله}: أي جامعوهن في قبلهن، وهن طاهرات متطهرات.{نساؤكم حرث لكم}: يريد مكانة إنجاب الأولاد فشبه النساء بالحرث لأن الأرض إذا حرثت انبتت الزرع، والمرأة إذا وطئت أنبتت الولد بإذن الله تعالى.{فأتوا حرثكم إني شئتم}: إذن بجماع لمرأة أو مدبرة إذا كان ذلك في القبل الذي هو منبت الزرع، وهي طاهرة من الحيض والنفاس.{وقدموا لأنفسكم}: يريد الأعمال الصالحة ومنها إرادة تحصين النفس والزوجية بالجماع وإرادة انجاب الأولاد الصالحين الذين يوحدون الله ويدعون لوالديهم طوال حياتهم..معنى الآيتين: يخبر تعالى رسوله بأن بعض المؤمنين سألوه عن المحيض هل تساكن المرأة معه وتؤاكل وتشارب أو تهجر بالكلية حتى تطهر إذ كان هذا من عادة أهل الجاهلية، وأمره أن يقول لهم الحيض أذى يضر بالرجل المواقع فيه، وعليه فليعتزلوا النساء الحيض في الجماع فقط لا في المعاشرة والمآكلة والمشاربة، وإنما في الجماع فقط أيام سيلان الدم بل لا بأس بمباشرة الحائض في غير ما بين السرة والركبة للحديث الصحيح في هذا كما أكد هذا المنع بقوله لهم: ولا تقربوهن أن لا تجامعوهن حتى يطهرن بإنقطاع دمهن والاغتسال بعده لقوله فإذا تطهرن أي اغتسلن فأتوهن من حيث أمركم الله باتيانهن وهو القبل لا الدبر فإنه محرم وأعلمهم تعالى أنه يحب التوابين من الذنوب المتطهرين من النجاسات والأقذار فليتوبوا وليتطهروا ليفوزا بحب مولاهم عز وجل هذا معنى الآية: الأولى: (222) أما الآية الثانية (223) وهي قوله تعالى: {نساؤكم حرث لكم} فهي تضمنت جواب سؤال وهو هل يجوز جماع المرأة مدبرة بأن يأتيها الرجل من ورائها إذ حصل هذا السؤال من بعضهم فعلاً فأخبر تعالى أنه لا مانع من ذلك إذا كان في القبل وكانت المرأة طاهرة من دمي الحيض والنفاس، وتسمّى المرأة حرثاً لأن رحمها ينبت فيه الولد كما ينبت الزرع في الأرض الطيبة وما دام الأمر كذلك فليأت الرجل امرأته كما شاء مقبلة أو مدبرة إذ المقصود حاصل وهو الإِحصان وطلب الولد.فقوله تعالى: {أنّى شئتم} يريد على أي حال من إقبال أو إدبار شئتم شرط أن يكون ذلك فب القبل لا الدبر.ثم وعظ تعالى عباده بقوله: {وقدّموا لأنفسكم} من الخير ما ينفعكم في آخرتكم واعلموا أنكم ملاقوا لله تعالى فلا تغفلوا عن ذكره وطاعته إذ هذا هو الزاد الذي ينفعكم يوم تقفون بين يدي ربكم.وأخيراً أمر رسوله أن يبشر المؤمنين بخير الدنيا والآخرة وسعادتهما من كان إِيمانه صحيحاً مثمراً التقوى والعمل الصالح..من هداية الآيتين: 1- حرمة الجماع أثناء الحيض النفاس لما فيه من الضرر، ولقوله تعالى: {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن}.2- حرم وطء المرأة إذا انقطع دم حيضها أو نفاسها ولم تغتسل، لقوله تعالى: {فإذا تطهرن فأتوهن}.3- حرمة نكاح المرأة في دبرها لقوله تعالى: {فأتوهن من حيث أمركم الله} وهو القبل.4- وجوب التطهير من الذنوب بالتوبة، والتطهير من الأقذار والنجاسات بالماء.5- وجوب تقديم ما أمكن من العمل الصالح ليكون زاد المسلم إلى الدار الآخرة لقوله تعالى: {وقدموا لأنفسكم}.6- وجوب تقوى الله تعالى بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه وزجر.7- بشرى الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لكل مؤمن ومؤمنة..تفسير الآيات (224- 227): {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}.شرح الكلمات: {العرضة}: ما يوضع مانعاً من شيء، واليمين يحلفها المؤمن أن لا يفعل خيراً.{الإيمان}: جمع يمين نحو والله لا أفعل كذا أو واله لأفعلنّ كذا.{البُرُور}: الطاعة وفعل البر.{اللغو}: الباطل، وما لا خير فيه. ولغو اليمين أن يحلف العبد على الشيء يظنه كذا فيتبين خلافه، أو ما يجري على لسان من أيمان من غير إرادة الحلف.{كسبت قلوبكم}: ما تعمّد القلب وقصد اليمين لأجله لفلعه حتماً أو منعه.{يؤلون}: الإِيلاء: الحلف على عدم وطء الزوجة.{التربص}: الانتظار والتمهل.{فاءوا}: رجعوا إلى وطء نسائهم بعد الامتناع عنه باليمين.{الطلاق}: فك رابطة الزوجية وحلها بوقله هي طالق أو مطلقة أو طلقتك..معنى الآيات: يهنى الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يجعلوا الحلف به مانعاً من فعل الخير وذلك كأن يحلف العبد أن لا يتصدق على فلان أو أن لا يكلم فلاناً أو أن لا يصلح بين اثنين فقال تعالى ولا تجعلوا الله يريد الحلف به عرضة لأيمانكم أي مانعاً لكم من فعل خير أو ترك إثم أو اصلاح بين الناس. وأخبرهم أنه سميع لأقوالهم عليم بنياتهم وأفعالهم فليتقوه عز وجل. ثم أخبرهم أنه تعالى لا يؤاخذهم باللغو في أيمانهم وهو أن يحلف الرجل على الشيء يظنه كذا فيظهر عل خلاف ما ظن، أو أن يجري على لسانه ما لا يقصده من الحلف كقوله لا، والله، بلى والله فهذا مما عفا الله عنه لعباده فلا إثم فيه ولا كفارة تجب فيه. لكن يؤاخذهم بما كسبت قلوبهم من الإِثم وذلك كأن يحلف المرء كاذباً ليأخذ حق أخيه المسلم بيمينه الكاذبة فهذه هذ اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار وهذه لا تنفع فيها الكفارة الموضوعة لمن حلف على أن لا يفعل أو يفعل ثم حنث، وإنما على صاحب اليمين الغموس التوبة بالتكذيب نفسه والاعتراف بذنبه ورد الحق الذي أخذه بيمينه الفاجرة إلى صاحبه وبذلك يغفر الله تعالى له ويرحمه، والله غفور رحيم.وبمناسبة ذكر اليمين ذكر تعالى حكم من يولي من امرأته أي يحلف أن لا يطأها فأخبر تعالى أن على المولي تربص أربعة أشهر فإن فاء إلى امرأته أي رجع إلى وطئها فبها ونعمت، وعليه أن يكفر عن يمينه، وإن لم يفئ إلى وطئها وأصرّ على ذلك فإن على القاضي أن يوقفه أمامه ويطالبه بالفيء فإن أبى طلقها عليه.قال الله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم} يغفر لهم ما ارتكبوه من الذنب في حق نسائهم ويرحمهم لتوبتهم.وإن عزموا الطلاق بأن أبوا أن يفيئوا طلقوا، والله سميع لأقوالهم عليهم بما في قلوبهم.فليحذروه بعدم فعل ما يكره، وترك فعل ما يحب..من هداية الآيات: 1- كراهية منع الخير بسبب اليمين وعليه فمن حلف أن لا يفعل خيراً فليكفر عن يمينه وليفعل الخير لحديث الصحيح: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير».- لغو اليمين معفو عنها ولها صورتان الأولى أن يجري على لسانه لفظ اليمين وهو لا يريد أن يحلف نحو لا والله، وبلى والله، الثنية أن يحلف على شيء يظنه كذا فيتبين خلافه، مثل أن يقول والله ما في جيبي درهم ولا دينار وهو ظان أو جازم أنه ليس في جيبه شيء من ذلك، ثم يجده فهذه صورة لغو اليمين.3- اليمين المؤاخذ عليها العبد هي أن يحلف متعمداً الكذب قاصداً له من أجل الحصول على منفعة دنيوية وهي المقصودة بقوله تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} وتسمى باليمين الغموس، واليمين الفاجرة.4- اليمين التي تجب فيها الكفارة هي التي يحلف فيها العبد أن يفعل كذا ويعجز فلا يفعل أو يحلف أن لا يفعل كذا ثم يضطر ويفعل، ولميقل أثناء حلفه إن شاء الله، والكفارة مبيّنة في آية المائدة وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.5- بيان حكم الإِيلاء وهو أن يحلف الرج لأن لا يطأ امرأته مدة فإن كانت أقل من أربعة أشهر فله أن لا يحنث نفسه ويستمر ممنعا عن الوطء، إلى أن تنتهي مدة الحلف إلا أن الألفض أن يطأ ويكفر عن يمينه، وإن كانت أثر من أربعة أشهر فإن عليه أن يفيء إلى زوجته أو تطلق عليه وإن كان ساخطا غير راض..تفسير الآية رقم (228): {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)}.شرح الكلمات: {المطلقات}: جمع مطلقة وهي المرأة تسوء عشرتها فيطلقها زوجها أو القاضي.{يتربصن}: ينتظرن.{قروء}: القرء إما مدة الطهر، ومدة الحيض.{ما خلق الله في أرحامهن}: من الأجنّة فلا يحل للمطلقة أن تكتم ذلك.{وبعولتهن}: أزواجهن واحد البعولة: بَعْلٌ كفحل ونخل.{بردهن في ذلك}: أي في مدة التربص والانتظار.{ولهن مثل الذي عليهن}: يريد على الزوجة حقوق لزوجها، ولها حقوق على زوجها.{وللرجال عليهن درجة}: هي درجة القوامة أن الرجل شرعا هو القيم على المرأة..معنى الآية الكريمة: بمناسبة طلاق المؤلى إن أصر على عدم الفيئة ذكر تعالى في هذه الآية: {والمطلقات} الخ أن على المطلقة التي تحيض أن تنتظر فلا تتعرض للزواج مدة ثلاثة أقراء فإن انتهت المدة ولم يراجعها زوجها فلها أن تتزوج وهذا الانتظار يسمى عدة وهي واجبة مفروضة عليها لحق زوجها، إذ له الحق أن يراجعها فيها وهذا معنى قوله تعالى في الآية: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أراداو إصلاحاً}.كما أن على المطلقة أن لا تكتم الحيض بأن تقول: ما حضت إلا حيضة أو حيضتين وهي حاضت ثلاثة تريد بذلك الرجعة لزوجها، ولا تقول حضت ثلاثة وهي لم تحض من أجل أن لا ترجع إلى زوجها، ولا تكتم الحمل كذلك حتى إذا تزوجت من آخر تنسب إليه الولد وهو ليس بولده وهذا من كبائر الذنوب. ولذا قال تعالى ولا يكتمن ما خلق الله في أرحامهن، يريد من حيض وحمل إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وقوله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} يريد والزوجُ أحقُّ بزوجته المطلقة ما دامت في عدَّتها وعلى شرط أن لا يريد بإرجاعها المضارة بها بل لابد وان يريد برجعتها الإِصلاح وطيب العشرة بينهم وهذا ظاهر قوله تعالى: {إن أرادوا إصلاحاً}، وعلى المطلقة أن تنوي برجوعها إلى زوجها الإِصلاح أيضاً.ثم أخبر تعالى أن للزوجة من الحقوق على زوجها، مثل ما للزوج عليها من حقوق فقال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} وأخبر أن للرجل على المرأة درجة لم ترقها المرأة ولم تكن لها وهي القيوميّة المفهومة من قوله تعالى من سورة النساء: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} وختمت الآية بجملة {والله عزيز حكيم} إشعاراً بوجوب تنفيذ هذه التعاليم لعزة الله تعالى وحكمته فإن الغالب يجب أن يطاع والحكيم يجب أن يسلم له في شرعه لأنه صالح نافع غير ضار..من هداية الآية: 1- بيان عدة المطلقة إذا كانت تحيض وهو التربص ثلاثة حيض أو أطهار.2- حرمة كتمان المطلقة حيضا أو حملا خلقه الله تعالى في رحمها، ولأي غرض كان.3- أحقية الزوج بالرجعة من مطلقته إذا لم تنقض عدتها، حتى قيل الرجعية زوجة بدليل أنها لو مات يرثها زوجها ولو مات ترثه. وأنه لا يحل أن تخطب أو تتزوج ما دامت في عدتها.4- اثبات حقوق كل من الزوجين على صاحبه.5- تقرير سيادة الرجل على المرأة لما وهبه الله من ميزات الرجولة المفقودة في المرأة..تفسير الآية رقم (229): {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}.شرح الكلمات: {الطلاق}: الاسم من طلَّق وهو أن يقول الرجل لزوجته أنت طالق أو طلقتك.{مرتان}: يطلقها، ثم يردها، ثم يطلقها ثم يردها. أي يملك الزوج الإِرجاع في طلقتين أما إن طلق الثالثة فلا يملك ذلك ولا ترجع حتى تنكح زوجا غيره.{فإن خفتم ألا يقيما حدود الله}: حسن العشرة فإن خافت المرأة أو خاف الزوج أن لا يؤدي حقوق الزوجية جاز الفداء وهو دفع مال للزوج ليخلي سبيل المرأة تذهب حيث شاءت، ويسمى هذا خلعاً.{حدود الله}: ما يجب أن ينتهي إليه العبد من طاعة الله ولا يتجاوزه.{الظالم}: المتجاوز لما حدَّ الله تعالى، والظلم وضع الشيء في غير موضعه..معنى الآية: ما زال السياق في بيان أحكام الطلاق فيقرر تعالى في هذه الآية أن الطلاق الذي يملك الزوج الرجعة فيه هو طلقتان أولى، وثانية فقط، ومن هنا فمن طلق الثانية فهو بين خيارين إما أن يمسك زوجته بمعروف، أو يطلقها بإحسان فإن طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره هذا معنى قوله تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف} أي بحسن العشرة وهو أداء ما للزوج من حقوق، أو تسريح أي تطليق بإحسان بأن يعطيها باقي صداقها إن كان، ويمتعها بشيء من المال ولا يذكرها بسوء.وقوله تعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا}: حرم تعالى على الزوج أن يأخذ من مهر زوجته شيئا بدون رضاها، إلا في حال واحدة وهي إذا كرهت المرأة الزوج ولم تطلق البقاء معه وهو غير ظالم الزوج غير الظالم، وهذا معنى {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله} وهي عنا المعاشرة الحسنة فلا جناح أي لا إثم فيما فدت به نفسها فلها أن تعطي المال للزوج وله أن يأخذه منها مقابل تركها وحل عصمة الزوجية بينهما.وقوله تعالى: {تلك حدود الله} يريد أحكام شرعه فلا يحل تجاوز الحلال إلى الحرام، ولا تجاوز الإِحسان إلى الإِساءة، ولا المعروف إلى المنكر ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه عرضها للعذاب، وما ينبغي له ذلك..من هداية الآية: 1- حرمة الطلاق الثلاث بلفظ واحدن لأن الله تعالى قال الطلاق مرتان.2- المطلقة ثلاث طلقات لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ويطلقها أو يموت عنها.3- مشروعية الخلع وهو أن تكره المرأة البقاء مع زوجها فتخلع نفسها منه بمال تعطيه إياه عوضا عما أنفق عليها في الزواج بها.4- وجوب الوقوف عند حدود الله وحرمة تعديها.5- تحريم الظلم وهو ثلاثة أنواع ظلم الشرك وهذا لا يغفر للعبد إلا بالتوبة منه وظلم العبد لأخيه الإِنسان وهذا لابد من التحلل منه، وظلم العبد لنفسه بتعدّي حد من حدود الله وهذا أمره إلى الله إن شاء غفره وإن شاء واخذ به..تفسير الآية رقم (230): {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)}.شرح الكلمات: {فإن طلقها فلا تحل له}: الطَّلقة الثالثة فلا تحل له إلا بعد ان تنكح زوجاً غيره.{فلا جناح عليهما}: أي لا إثم ولا حرج عليهما في الزواج من جديد.{أن يترجعا}: أن يرجع كل منهما لصاحبه بعقد جديد وبشرط أن يظنا إقامة حدود الله فيهما، وإلا فلا يجوز نكاحهما..معنى الآية الكريمة: يقول تعالى مبيناً حكم من طلق امرأته الطلقة الثلاثة: فإن طلقها فلا تحلُّ له حتى تنكح زوجاً غيره، ويكون النكاح صحيحاً ويبني بها الزوج لحديث: «حتى تذوقي تسيلته ويذوق عسيلتك» فإن طلقها الثاني بعد البناء والخلوة والوطء أو مات عنها جاز لها أن تعود إلى الأول إن رغب هو في ذلك وعلما من أنفسهما أنهما يقيمان حدود الله فيهما بإعطاء كل واحد حقوق صاحبه مع حسن العشرة وإلا فلا مراجعة تحل لهما. ولذا قال تعالى إن ظنا أن يقيما حدود الله ثم نوّه الله تعالى بشأن تلك الحدود فقال: {وتلك حدود الله} وهي شرائعه، يبينها سبحانه وتعالى لقوم يعلمون، إذ العالمون بها هم الذين يقفون عندها ولا يتعدونها فيسلمون من وصمة الظلم وعقوبة الظالمين..من هداية الآية: 1- المطلقة ثلاثا لا تحل لمطلقها إلا بشرطين الأول أو تنكح زوجا غيره نكاحاً صحيحاً ويبني بها ويطأها والثاني أن يغلب على ظن كل منهما أن العشرة بينهما تطيب وأن لا يتكرر ذلك الاعتداء الذي أدى إلى الطلاق ثلاث مرات.2- موت الزوج الثاني كطلاقه تصح معه الرجعة إلى الزوج الأول بشرطه.3- إن تزوجت الملطقة ثلاثة بنيّة التمرد على الزوج حتى يطلقها لتعود إلى الأول فلا يحلّها هذا النكاح لأجل التحليل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أبطله وقال: «لعن الله المحلل والمحلل له» ويسمّى بالتيس المستعار، ذاك الذي يتزوج المطلقة ثلاثا بقصد أن يحلها للأول.
|