الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
.تفسير الآيات (6- 7): .شرح الكلمات: {فاغسلوا وجوهكم}: أي بعد غسل الكفين ثلاثاً والمضمضة والاستنشاق والاستنثار ثلاثاً ثلاثاً لبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك. {وارجلكم إلى الكعبين}: أي واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين إلا أن يكون عليها خف ساتر فإنه يجوز المسح عليه دون حاجة إلى نزعه وغسل الرجلين، وذلك إن لبسه بعد وضوء ولم يمض على لبسه أكثر من يوم وليلة إن كان مقيماً، أو ثلاثة أيام إن كان مسافراً بهذا جاءت السنة. {وإن كنتم جنباً}: الجنب من قامت به جنابة وهي شيئآن: غياب رأس الذكر في الفرج، وخروج المنى بلذة في نوم أو يقظة. {فاطهروا}: يعني فاغتسلوا، والغسل هو غسل سار الجسد بالماء. {الغائط}: كنابة عن الخارج من أحد السبيلين من عذرة أو فساء أو ضراط، أو بول أو مذى. {او لامستم النساء}: ملامسة النساء كناية عن الجماع، كما أن من لامس امرأة ليتلذذ بها أو لامسها لغير قصد اللذة ووجد اللذة فقد انتقض وضوءه ومن هذا مس الفرج باليد لأنه مظنة اللذة لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أفضى منكم بيده إلى فرجه فليتوضأ». {فتيمموا صعيداً}: اقصدا تراباً أو حجراً أو رملاً أو سبخة مما صعد على وجه الأرض. {الحرج}: المشقة والعسر والضيق. {ميثاقه}: أي ميثاق الله تعالى وهو عهده المؤكد والمراد به هنا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، إذ بها وجب الالتزام بسائر التكاليف الشرعية. .معنى الآيتين: كما بينت السنة وجوب الترتيب بين الأعضاء المغسولة الأولى فالأولى، ووجوب الفور بحيث لا يفصل بزمن بين أعضاء الوضوء حال غسلها بل يفعلها في وقت واحد إن أمكن ذلك وأكدت وجوب النية حتى لكأنه شرط في صحة الوضوء وقال تعالى: {وإن كنتم جنباً فاطهروا} أي وإن أصبت أحدكم جنابة وهي الجماع والاحتلام فمن جامع زوجته فأولج ذكره في فرجها ولو لم ينزل أي لم يخرج منه المنيّ فقد أجنب كما أن من احتلم فخرج منه منيّ فقد أجنب بل كلّ من خرج منه منيّ بلذة في نوم أو يقظة فقد أجنب وانقطاع دم حيض المرأة ودم نفاسها كالجنابة يجب منه الغسل، وقوله: {فاطهروا} يريد فاغتسلوا وقد بينت السنة كيفية الغسل وهي ينوي المرء رفع الحدث الاكبر بقلبه ويغسل كفيه قائلاً بسم الله ويغسل فرجيه وما حولها، ثم ينوي المرء رفع الحدث الأصغر المعروف، ثم يخلل أصوله شعر رأسه ببلل يديه، ثم يغسل رأسه ثلاث مرات، ثم يقبض الماء على شق جسده الأيمن كله من أعلاه إلى أسفله، ثم الأيسر، ويتعاهد الأمكن التي قد ينبوا عنها الماء فلا يمسها كالسرة وتحت الإبطين، والرفقين وهما أصل الفخذين، وقوله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء} ذكر تعالى في هذه الجملة الكريمة نواقض الوضوء وموجب الانتقال منه إلى التيمم فقال: {وإن كنتم مرضى} فالمريض قد يعجز عن الوضوء لضعف جسمه بعدم القدرة على التحرك، وقد تكون به جراحات أو دماميل يتعذر معها استعمال الماء حيث يزداد المرض بمس الماء، وقوله: {أو على سفر} إذ السفر مظنة عدم وجود الماء هذه موجبات الانتقال من الوضوء إلى التيمم، وقوله عز وجل: {أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء}. ذكر في الجملة الأولى نواقض الوضوء إجمالاً وهو الخارج من السبيلين من عذرة وفساء وضراط وبول ومذي كنى عنه بقوله: {أو جاء أحد منكم الغائط} وهو مكان التغوط والتبول وذكر موجب الغسل وهو الجماع وكنّى عنه بالملامسة تعليماً لعباده المؤمنين الآداب الرفيعة في مخاطباتهم، وقوله: {فلم تجدوا ماء} للوضوء أو الغسل بعد أن طلبتموه فلم تجدوه فتيمموا، اقصدوا من أم الشيء إذا قصده صعيداً طيباً يريد ما صعد على وجه الأرض من أجزائها كالتراب والرمل والسبخة والحجارة وقوله: {طيباً} يريد يبه طاهراً من النجاسة والقذر، وقوله: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} بين فيه كيفية التيمم، وهي أن يقصد المرء التراب الطاهر وإن تعذر ذلك فما تيسر له من أجزاء الأرض فيضرب بكفيه الأرض فيمسح بهما وجهه وكفيه ظاهراً وباطناً مرة واحدة وقوله تعالى: {منه} أي من ذلك الصعيد وبهذا بين تعالى كيفية التيمم وهي التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر رضي الله عنه وقوله تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج} يخبر تعالى أنه يأمرنا بالطهارة بقسميها الصغرى وهي الوضوء والكبرى وهي الغسل، وما ينوب عنهما عند العجز وهو التيمم، ما يريد بذلك إيقاعنا في الضيق والعنت، ولكنه تعالى يريد بذلك تطهيرنا من الأحداث والذنوب، لأن الوضوء كفارة لذنب المتوضئ كما جاء بيانه في السنة وهو قوله تعالى: {ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} أي بهدايتكم إلى الإِسلام وتعليمكم شرائعه فيعدكم بذلك لشكره وهو طاعته بالعمل بما جاء به الإِسلام من الأعمال ابالطنة والظاهرة وهو معنى قوله: {لعلكم تشكرون}. هذ ما دلت عليه الآية الأولى (6) أما الآية الأخيرة (7) وهي قوله تعالى: {واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذيى واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور} فإنه تعالى يأمر عباده المؤمنين أن يذكروا نعمته عليهم بهدايتهم إلى الإِيمان ليشكروه بالإِسلام، كما يذكروا ميثاقه الذي واثقهم به وهو العهد الذي قطعه المؤمن على نفسه لربه تعالى بالتزامه بطاعته وطاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم عندما تعهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأما قوله: {إذ قلتم سمعنا واطعنا} قد قالها الصحابة بلسان القال عندما باعيوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والطاعة في المنشط والمركه، وقد قالها كل مسلم بلسان الحال لما شهد لله بالوحدانية واللنبي بالرسالة، وقوله تعالى: {واتقوا الله} أمر بالتقوى التي هي لزوم الشرعية والقيام بها عقيدة وعبادة وقضاء وأدباً وقوله: {إن الله عليم بذات الصدور} يذكَّرهم بعلم الله تعالى بخفايا أمورهم حتى يراقبوه ويخشوه في السر والعلن وهذا من باب تربية الله تعالى لعباده المؤمنين لإِكمالهم وإِسعادهم فله الحمد وله المنة. .من هداية الآيتين: 2- بيان الأعذار الناقلة للمؤمن من الوضوء إلى التيمم. 3- بيان موجبات الوضوء والغسل. 4- الشكر هو العلة الإِنعام. 5- ذكر العهود يساعد على التزامها والمحافظة عليها. .تفسير الآيات (8- 11): .شرح الكلمات: {شهداء بالقسط}: جمع شهيد بمعنى شاهد والقسط العدل. {ولا يجرمنكم}: أي لا يحملنكم. {شنآن}: بغض وعداوة. {العدل}: خلاف الجور، وهو المساواة بلا حيف ولا جور. {هو أقرب للتقوى}: أي العدل أقرب للتقوى من الجور. {همّ قوم}: أرادوا وعزموا على إنفاذ إرادتهم والقوم هم يهود بني النضير. {يبسطوا إليكم إيديهم}: أي ليقتلوا نبيكم صلى الله عليه وسلم. .معنى الآيات: أن أولياء العامريين الذين قتلا خطأ من قبل مسلم حيث ظنهما كافرين فقتلهما جاءوا يطالبون بدية قتيليهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الخلفاء الراشدون الأربعة وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين خرجوا إلى بني النظري يطالبونهم بتحمل شيء من هذه الدية بموجب عقد المعاهدة إذ من جملة موادها تحمل أحد الطرفين معونة الطرف الآخر في مثل هذه الحالة المالية فلما وصلوا إلى ديارهم شرق المدينة استقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحفاوة والتكريم وأجلسوه مكاناً لائقاً تحت جدار منزل من منازلهم وأفهموه أنهم يعدون الطعام والنقود، وقد خلوا ببعضهم وتآمروا على قتله صلى الله عليه وسلم وقالوا فرصة متاحة فلا نفوتها أبداً وأمروا أحدهم أن يطلق من سطح المنزل حجر رحى كبيرة على رأس النبي صلى الله عليه وسلم فتقتله، وما زالوا يدبرون مكيدتهم حتى أوحى الله إلى رسوله بالمآمرة الدنيئة فقام صلى الله عليه وسلم وتبعه أصحابه ودخلوا إلى المدينة وفاتت فرصة اليهود واستوجبوا بذلك اللعن وإلغاء المعاهدة وإجلاءهم من المدينة، وقصتهم في سورة الحشر، والمقصود من هذا بيان المراد من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم إيديهم} أي بالقتل للنبي صلى الله عليه وسلم {فكف أيديهم عنكم} حيث أوحى إلى رسوله ما دبره اليهود فانصرف وتركهم لم يظفروا بما أرادوا وهو معنى {فكف أيديهم عنكم}. ثم أمر الله تعالى المؤمنين بتقواه إذ هي سلم كمالهم وسبيل نجاحهم وهي عبارة عن امتثال أمره وأمر رسوله واجتناب نهيهما وأرشدهم إلى التوكل عليه تعالى في جميع أمورهم بقوله: {وعلى الله فلتوكل المؤمنون}. .من هداية الآيات: 2- وجوب العدل في الحكم والقول والشهادة والفعل ومع الولي والعدو سواء. 3- تأكيد الأمر بتقوى الله عز وجل. 4- الترغيب والترهيب بذكر الوعد والوعيد كما في الآيتين (9) و(10). 5- وجوب ذكر النعمة حتى يؤدى شكرها. 6- وجوب التوكل على الله تعالى والمضي في أداء ما أوجب الله تعالى. .تفسير الآية رقم (12): .شرح الكلمات: {بنو إسرائيل}: اليهود. {نقيباً}: نقيب القوم: من ينقب عنهم ويبحث عن شؤونه ويتولى أمورهم. {وعزرتموهم}: أي نصرتموهم ودافعتم عنهم معظمين لهم. {وأقرضتم الله}: أي أنفقتم في سبيله ترجون الجزاء منه تعالى على نفقاتكم في سبيله. {لأكفرن عنكم سيئآتكم}: أسترها ولم أوآخذكم بها. {لقد ضل سواء السبيل}: أخطأ طريق الهدى الذي يفلح سالكه بالفوز بالمحبوب والنجاة من المرهوب. .معنى الآية الكريمة: .من هداية الآية: 2- إبطال استغراب واستعظام من يستغرب من اليهود مكرهم ونقضهم وخبثهم ويستعظم ذلك منهم. 3- إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإِنفاق في سبيل الله تعبد الله بها من قبل هذه الأمة. 4- وجوب تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته في أمته ودينه. .تفسير الآيات (13- 14): .شرح الكلمات: {لعنّاهم}: طردناهم من موجبات الرحمة ومقتضيات العز والكمال. {يحرفون الكلم}: يبدلون الكلام ويؤولون معانيه لأغراض فاسدة، والكلم من الكلام. {ونسوا حظاً مما ذكروا}: تركوا قسطاً كبيراً مما ذكرهم الله تعالى به أي أمرهم به في كتابهم. {خائنة}: خيانة أو طائفة خائنة منهم. {فاعف عنهم واصفح}: أي لا تؤاخذهم واصرف وجهك عنهم محسناً إليهم بذلك. {إنا نصارى}: أي ابتدعوا بدعة النصرانية فقالوا إنا نصارى. {أغرينا بينهم العداوة}: الإِغراء: التحريش والمراد أوجدنا لهم أسباب الفرقة والخلاف إلى يوم القيامة بتدبيرنا الخاص فهم أعداء لبعضهم البعض أبداً. .معنى الآيتين: هذا ما دلت عليه الآية الأولى (13) أما الآية الثانية (14) في هذا السياق فقد أخبر تعالى بي وبرسلي وبالعمل بشرعي فتركوا متناسين كثيراً مما أخذ عليهم العهد والميثاق فيه، فكان أن أغرينا بينهم العداوة والبغضاء كثمرة لنقضهم الميثاق فتعصبت كل طائفة لرأيها فثارت بينهم الخصومات وكثر الجدل فنشأ عن ذلك العداوات والبغضاء وستستمر إلى يوم القيامة، وسوف ينبئهم الله تعالى بما كانوا يصنعون من الباطل والشر والفساد ويجازيهم به الجزاء الموافق لخبث أرواحهم وسوء أعمالهم فإن ربك عزيز حكيم. .من هداية الآينين: 2- الخيانة وصف لازم لأكثر اليهود فقل من سلم منهم من هذا الوصف. 3- استحباب العفو عند القدرة، وهو من خلال الصالحين. 4- حال النصارى لا تختلف كثيراً عن حال اليهود كأنهم شربوا من ماء واحد. وعليه فلا يستغرب منهم الشر ولا يؤمنون على سر فهم في عداوة الإِسلام والحرب عليه متعاونون متواصون. .تفسير الآيات (15- 16): .شرح الكلمات: {قد جاءكم رسولنا}: محمد صلى الله عليه وسلم. {تخفون من الكتاب}: الكتاب التوراة والإِنجيل، وما يخفونه صفات النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الأحكام، المخالفين لها يجحدونها خوف المعرة كالرجم مثلاً. {ويعفو عن كثير}: لا يذكرها لكم لعدم الفائدة من ذكرها. {نور وكتاب مبين}: النور محمد صلى الله عليه وسلم، والكتاب القرآن الكريم. {إلى صراط مستقيم}: الإِسلام وهو الدين الحق الذي لا نجاة إلا به. والمستقيم الذي لا اعوجاج فيه. .معنى الآيتين: .من هداية الآيتين: 2- بيان جحود اليهود والنصارى لكثير من الأحكام الشرعية ودلائل النبوة المحمدية مكراً وحسداً حتى لا يؤمن الناس بالإِسلام ويدخلوا فيه. 3- اتباع السنة المحمدية يهدي صاحبه إلى سعادته وكماله. 4- القرآن حجة على الناس كافة لبيانه الحق في كل شيء. 5- طالب رضا الله بصدق يفوز بكل خير وينجوا من كل ضير.
|